الثلاثاء، ٢٩ يناير ٢٠٠٨

الجزيرة .. وهل غادر السينمائيون من متردم؟!

الجزيرة .. وهل غادر السينمائيون من متردم؟!

ما أحلى الرجوع إليه .. بصفتي سينمائي قديم ومدين للسينما انها هي اللي جرجرتني لسكة الأدب الممتعة. وحيث كانت اخر مرة دخلت فيها سينما منذ عامين تقريبا ولم تكن ذكرى طيبة وصدت نفسي عن السينما – يعقوبيان ! – لذا هذه المرة لها مذاق خاص.
كنت اتمنى ان تكون العودة قوية ومضمونة حتى أنني قاومت إغراء " كده رضا " الصيف الماضي رغم رأي الثقات من أصدقائي فيه وكذا رأي النقاد والايرادات!
لكني لم أستطع المقاومة هذه المرة
ليس فقط لثقتي واعجابي بشريف عرفة الذي تابعته من ثاني افلامه الدرجة الثالثة فقط فاتني فيلمه الاول الاقزام قادمون ثم انبهاري بالرائع " سمع هس " هذا الفيلم المظلوم وكذا جنونته الاخرى مع ماهر عواد " يا مهلبية " ثم مجموعته الرائعة مع وحيد حامد من "اللعب مع الكبار" والرائع "الارهاب والكباب" ثم" المنسي" و"طيور الظلام" و"النوم في العسل" ثم" اضحك الصورة تطلع حلوة "مع احمد زكي
ومع تصاعد موجة السينما الشبابية راهن شريف على الراحل علاء ولي الدين وربح الرهان في عبود والناظر وفشل في ابن عز ثم مع السقا انجز مافيا ذلك الفيلم الامريكاني الصنعة – لم يعجبني – واخيرا مع هنيدي وفول الصين !
مخرج غريب لكنه متميز
وهنا
عودة مع السقا ومع فيلم اخر شارك في كتابة السيناريو فيه كما فعلها في بعض افلامه
وليس أيضا لاعجابي بجرأة السقا على دخول مناطق جديدة واصراره على التنوع وعدم حبس نفسه في قالب ما كما يريد المنتجون
فقد تابعته من أول بطولة – شورت وفانلة..- وبعد نجاحه المدوي في " مافيا " قدم أجمل أفلامه " تيتو " وفيه وازن بين الاكشن والدراما
في سيناريو متماسك لمحمد حفظي وكان بداية تألق ولمعان خالد صالح، بعدها حاول التغيير في فيلم بوليسي سخيف – حرب اطاليا – وتمرد كلية على الاكشن في فيلمه الرومانسي - الذي لم يعجبني -" عن العشق والهوى" في سيناريو خالد حبيب كاتب " سهر الليالي " أجمل أفلامه التي كتبها حتى الان ! ثم استمر مع صديقه خالد حبيب ومنى زكي ايضا في الخلطة الكوميدية الأكشن الحمضانة " تيمور وشفيقة " أراه فيلما سخيفا اخر!

لكن ما شجعني على رؤية الفيلم سماعي انه فيه فكر وهو ما غاب عن السينما الشبابية عموما منذ مفاجأة اسماعيلية رايح جاي
وقد افتقدت ذلك كثيرا فمنذ " أرض الخوف " و بحب السيما " لم أشاهد فيلما ثقيلا يثير عقلك وخيالك..
فماذا عن الجزيرة؟
لمن لم يشاهد الفيلم: الفيلم قوي وممتع ويستحق المشاهدة.
لمن شاهد الفيلم أو لا ينوي رؤيته:
نبدأ بعناصر الفيلم المتميزة جداا
الإخراج والتصوير والتمثيل والموسيقى التصويرية
تكاتفت هذه العوامل لخروج هذه الصورة المبهرة على مستوى الرؤية فقد تم اختيار أماكن التصوير بعناية وهي أماكن ربما جديدة على عين مشاهدي الشاشة الفضية .. مياه وخضرة وجبال في تكوينات جمالية ممتعة وقد ساهمت حركة الكاميرا وزوايا التصوير في وصول احساس المشهد للمشاهد..
فحركة الكاميرا في مشاهده مع أبيه ومشاهده مع حبيبته في البداية مختلفة عن مشاهد الحركة كمشهد انقضاض " منصور " (السقا ) ورجاله على جماعة الارهابيين وسط القصب..
ليس غير " عمر خيرت " يمكنه التعبير بسلاسة عن المشاعر الإنسانية المتناقضة في جملة لحنية واحدة فالصعيد بما يشتهر به من تطرف في الأفكار والمشاعر وذلك التقلب السريع المفاجئ في المشاعر من منتهى القسوة إلى منتهى الرقة يحتاج موسيقي موهوب ومحترف مثل عمر خيرت.
المشكلة الوحيدة في العناصر السابقة هي انني في أحيان كثيرة شعرت بها أي انني في مشهد صرخت الله التصوير هنا رائع وحركة الكاميرا كيت وفي اخر صحت مش ممكن الموسيقى دي وهكذا .. في عالم الكرة يقولون أن الحكم الجيد هو الذي لا يشعرك بوجوده ، وفي عالم السينما ربما المخرج الجيد هو .... أيضا!
وكذلك ورغم أن أجواء الفيلم صعيدية يعني مصرية قح لكن في بعض المشاهد – القليلة - أحسست انني أشاهد فيلما أمريكيا .
التمثيل
بعد متابعتي للفيلم زاد يقيني أن " خالد الصاوي " غول تمثيل بلا شك
و " ياسم السمرة " ممثل من طراز خاص .. ممثل حقيقي قوي .. ملامحه واداؤه البسيط وتقمصه للشخصيات كل هذا يشعرك أنه هو الشخصية
منذ أن شاهدته في " المدينة " ليسري نصرالله وفيلم روائي قصير كان يريد فيه الانتحار ويفشل وهذا رأيي
وتميزت الموهوبة هند صبري وان شاب رسم شخصيتها بعض الاضطراب
وكان الكبيران محمود يس وعبد الرحمن ابو زهرة اضافة حقيقية للفيلم
لن اتحدث عن محمود عبد المعني – وهو ممثل جيد جدا ولمع في دم الغزال- لتعاطفي مع شخصيته حيث انه الوحيد مع كريمة (هند) الذي يمكن التعاطف معه بضمير مرتاح في الفيلم!
السقا
السقا ممثل مجتهد جدا ونجم محبوب لكنه يحتاد لتطوير أدواته كممثل
هو مقنع جدا في مشاهد الحركة لكن في المشاهد الدرامية المعقدة يبدو أضعف وخاصة عندما يجتمع مع ممثل أكثر موهبة يبدو الفارق واضحا
ففي مافيا تحدث الناس عن أداء مصطفى شعبان رغم انه لم يكن الآفضل له وفي تيتو بزغ خالد صالح وهنا أرى ان خالد الصاوي وهند صبري وطبعا محمود يس كانوا في مستوى مختلف من الأداء حتى انه لم يقنعني في بعض المشاهد التي جمعته مع باسم السمرة وهو المفترض الكبير وباسم (عمه) المساعد التابع . لكن هذا لا يعني ضعفه كممثل لكن يفترض اهتمامه بادواته مثلما يهتم بلياقته خاصة أنه يختار أدوار مختلفة ويدخل نفسه في اختبارات صعبة وأعتقد أنه قادر على ذلك .
الفكر
القوة تحتكر الحق
والقوي يفرض مبادئه، ويبرر لنفسه دائما، فالغاية تبرر الوسيلة.
ربما هذه هي الأفكار التي يطرحها الفيلم من خلال اسقاط سياسي
والفيلم هنا يعرض لبعض ممارسات جهاز الشرطة ليس من قبيل دغدغة مشاعر المشاهد المستفز من ممارسات هذا الجهاز مثلما تفعل أفلام اخرى تقوم على هذه المزايدات لكنه يعرض ذلك كجزء من الفكرة الأساسية . فرجل الشرطة في الفيلم يفعل ما يعتقد أنه صواب عن اقتناع بمبدأ وطريقة عمل وليس انحرافا أو شذوذا نفسيا ناتجا عن تفكك أسري حيث تزوجت أمه باخر واتربى هو عند الجيران – وان كان ذلك موجود - !
فالفيلم أعجبني أنه لايتاجر بقضية وانما يناقش ويعالج فكرة ربما يقوم عليها عمل أجهزة المن عندنا وما أكثرها وربما هذا أخطر فمناقشة فساد رجال الشرطة مردود عليه ببساطة أن هذه حالات فردية وهو رد منطقي ولكن ان تعرض أن هذه الممارسات من صميم فكر الجهاز فاعتقد هذا تفكير أكثر عمقا واكثر جراة ..
والكثر إدهاشا هو تماس ذلك مع قضية التوريث التي تناولها الفيلم من طرف خفي في إسقاط جميل وواعي من خلال تمسك الأب بان يتولى ابنه زعامة الجزيرة وتواطؤ جهاز الأمن مع الأب ومع الوريث بعده لمساعدته اياهم في الامساك بالارهابيين – البعبع – ومع كشف الرموز يمكن تخيل جهاز الأمن بانه القوة العظمى المسيطرة والتي ستتدخل يوما عندما ينتهي دور مندوبها زعيم الجزيرة مما سيؤدي لخراب الجزيرة !!!!
أعجبني التناول من هذه الزاوية وأعجبني الفيلم الجريء
عنوان المقال
بيت عنترة الأشهر تذكرته مع رؤيتي لبعض التناص وبعض الشخصيات التي تشعر أنك شاهدتها بافلام سابقة
فدور السقا وعلاقته بأبيه وحبيبته تذكرنا بشيء من الخوف ( عتريس ) وهند كانت قريبة من فؤادة لكن هنا هي كانت تريد زواجه وهو تزوج أخرى بناء على رغبة أبيه وأعلن ذلك في أحد اجمل مشاهد الفيلم.
تفاصيل ألاعيب جهاز الشرطة ذكرتني بفيلم الهروب رائعة عاطف الطيب ومصطفى محرم وأحمد زكي حتى دور الظابط طارق (محمود عبد المغني ) ذكري بدور عبد العزيز مخيون في الهروب ودور خالد الصاوي يقابل محمد وفيق هناك
الحوار الجميل في الفيلم للمبشر محمد دياب ذكرني في بعض مواضعه الفلسفية بحوار المبدع داود عبد السيد في تحفته " أرض الخوف"
يبقى ان أشير الى ان بعض مشاهد المواجهة بين أهل الجزيرة والشرطة احالتني الى فيلم القلب الشجاع لميل جيبسون
حتى أن شخصية عبد الرحمن ابو زهرة تشبه الى حد كبير شخصية الرجل المجزوم الذي كان يوجه القائد الذي تحالف وخان وليام والاس هناك .
فقط
يبقى انني استمتعت بهذا الفيلم القوي والممتع
وهذا يكفي

ط







هنا القاهرة

هنا القاهرة

هنا القاهرة
القاهرة القاهرة
هنا القاهرة
الساحرة الاسرة
الهادرة الساهرة
الساترة السافرة
هنا القاهرة
الزاهرة العاطرة
الشاعرة النيرة
الخيرة الطاهرة
هنا القاهرة
الساخرة القادرة
الصابرة المنذرة
الثائرة الظافرة
هنا القاهرة
القاهرة القاهرة
صدى الهمس في الزحمة والشوشرة
أسى الوحدة في اللمة والنطورة
هنا الحب والكدب والمنظرة
نشا الغش في الوش والافترا
هنا القرش والرش
والقش والسمسرة
هنا الحب والحق
والرحمة والمغفرة
هنا القاهرة
القاهرة القاهرة
وانا ف قلب دوامتك الدايرة بينا
بصرخ بحبك
يا اجمل مدينة
يا ضحكة حزينة
يا طايشة ورزينة
بحبك واعفر جبيني ف ترابك
واعيش في رحابك
واقف جنب بابك
جنايني أروي بالدم وردة شبابك
يا زينة جنينة حياتنا اللعينة
بحبك بحبك بحبك
يا بنت اللذين
بحبك

سيد حجاب
............



تجـــاعيد

- ها ها ها..
شاركتُها ضحكتها المجلجلة متحديًا كل مشاعري الداخلية. الأضواء حولي تضحك هي الأخرى ضحكات متقطعة. أضغط على يدها البضة كلما رأيت حسناء تمر بجوارنا، أو تقف أمام إحدى الفاترينات وقفة الراهب المتعبد.
تزداد الضغطات فتنظر لي نظرة ذات مغزى!
أشير إلى محل الحلويات الشهير: إيه رأيك؟ تهز رأسها موافقة. أغيب بالداخل وأخرج حاملاً قرطاسي الآيس كريم. تبدأ في تناوله وأنا أتابعها: آه لو يعلم النساء كم هن مثيرات وهنَّ يأكلن الآيس كريم! أتجرأ وأمرر أصابعي بين خصلات شعرها الأسود الناعم. تبتسم فأبتسم. أحتضن أصابعها بأصابعي.
- تقدر تقوللي إيه هيّ السعادة؟
فاجأني سؤالها، لكنني ابتسمت: إنتي فاكراني أنيس منصور؟
ترد بدلال: لأ، بجد.
- السعادة..؟ السعادة هيّ أي وضع وأي حالة.. المهم ما تكونيش لوحدك!
- طب والجحيم؟
- الجحيم الدقايق اللي بحط فيها راسي ع المخدة قبل النوم!
صمتها المتأمل انتقل إليَّ؛ فأغرق في التفاصيل: الباعة بنداءاتهم المسجوعة على الرصيف يصرخون ويستغيثون بالمارة ليشتروا بضاعتهم، وأصحاب المحال يقفون على أبوابها ينفثون دخان سجائرهم غير مبالين بشيء. صوت عمرو دياب ينبعث من أكثر من جهة لا ألتقط منه سوى "أنا عايش.. ومش عايش"؛ فأعود إليها..
- إنتي عارفة أكتر حاجة باعشقها.. المشي في وسط البلد.
ترد باقتضاب: واضح.
نمر بين المارة بصعوبة حتى تحتار أعيننا بين أفيشات سينما ميامي ومترو.
أجدها متحمسة: ما تيجي..
- لأ.. (تُفاجأ بردي الحاد. إنها لا تعرف شيئًا، سأشرد مهما كان الفيلم مثيرًا، حتى لو عابثتها سينتهي كل شيء وستهجم عليَّ أفكاري) لأ.. أصلي ماليش مزاج.
- على راحتك.
- المهم انتي أخبارك إيه وأخبار..
لا تتركني أكمل، وتبدأ في الحكي وأنا أرغم نفسي وأقهرها لأعيش ما تحكيه وأنفعل به.. عن نفسها وعن أبيها وأخواتها وخطيب أختِها.. و..
"اوزن نفسك"
- تحبي تعرفي وزنك؟
خجلتُ من نفسي وخَجِلَتْ لما اكتشفنا أنها أثقل مني بعشرة كيلوجرامات، ولما تلاقت أعيننا انفجرنا في هستيريا من الضحك، الضحك الصاخب الذي نمد في أمده برغبتنا في الضحك نفسه. صخب المدينة من حولنا يغطي على الصخب الذي أحدثناه.
وصلنا ميدان العتبة وبائعو شرائط الكاسيت يعاقبون من لا يشتري شرائطهم بإصابته بالصمم. نصل إلى محل العصير بالميدان. أتأملها وهي تشرب المانجو التي تفضلها. عيناها العميقتان أشعر في نهايتهما بحزن دفين فأهرب إلى شفتيها المطليتين بالأحمر المبهج.
ننصرف إلى أحد الباعة على الرصيف، لكنه فجأة يحمل بضاعته ويهرب. زملاؤه يفعلون الشيء نفسه. يهرولون في اتجاهات مختلفة هربًا من كائن خرافي يطاردهم.
نبتعد محتمين بسور المترو..
- لازم أمشي.
- لأ.. قصدي ليه؟
- اتأخرت قوي وانت عارف.
أحاول الهرب من بحر الرمال المتحركة في عينيها بتأمل منظر منتظري المترو الذين يتحركون في اتجاه الرصيف. تسلم فأتحسس يدها، ومع انسحاب النعومة يزحف الحزن بطيئًا لكن واثقًا. أحاول التشاغل بتأمل الفتى والفتاة الجالسين وحيدين على الجهة المقابلة حتى يأتي المترو بصخبه ويختفيان. أنتظر الصخب التالي والتالي حتى...
انتهى الصخب ككل شيء! أفاجأ أنني وحدي. أهرع بسرعة صاعدًا السلالم خارجًا إلى الدنيا لكن كل شيء يرحل. الباعة يحملون بضاعتهم مخلفين أكياس البلاستيك على الأرض، والشحاذون يجمعون عاهاتهم ويرحلون، والإضاءة الباهتة تخفت كأنها ستنام. أعود للشوارع التي كانت منذ قليل صاخبة. عصا سحرية أماتت كل شيء!
صوت صراخ أبواب المحال وهي تغلق يؤذي أذني. توصلني قدماي إلى ميدان الأوبرا.
على مرمى البصر في كل اتجاه ألمح شخصًا مسرعًا أو سيارة تعبر الطريق، وعلى الدكك الخرسانية أسفل تمثال إبراهيم باشا أجد بغيتي: شخص جالس يقرأ في جريدة. أترك كل الدكك الخالية وأجلس بجواره. ينظر باستغراب فأبتسم ببلاهة، تطول نظرته:
- مش انت؟
- أيوه أنا..
لحيته البيضاء تتصدر وجهه منبئةً عن سنه، وعيناه يملؤهما التعجب.
- طب أنا اقصد مين؟
أحرك لساني متسولاً الحديث:
- أي حد حضرتك عاوزه.. أنا.
- مش إنت الأستاذ.. يسري بتاع الفيزيا؟
- أيوة أنا الأستاذ يسري بتاع الفيزيا، بالأمارة كنت بدرِّس لبنتك (أنظر إليه مليًّا).. لأ قصدي حفيدتك، مش كده؟
- لأ ما كانش اسمه يسري كان اسمه سمير، وما كنتش بتدرِّس لحفيدتي لبنت أخويا.
- خلاص يا عم. أنا الأستاذ سمير اللي كنت بادرس لبنت أخوك فيزيا. واللا ماكنتش بدِّي فيزيا كمان؟ أنا مدرس الفيزيا اللي طول النهار شغال، الصبح في المدرسة وبعدها في الدروس، حياة مليانة ومافيش وقت، يا دوب أروَّح عشان أنام.. أنام على طول، و..
- إنت رايح فين؟
ينظر إليَّ نظرته إلى مجنون وهو يحاول الجري!
وحدي مرة أخرى. يعني لازم تمشي يا "سها"؟ لعن الله الآباء والعائلات.. نفسي أعرف واحدة مالهاش عيلة! أقلب في أرقام المحمول وأطلب.. جرس.. حتى أنت يا "داليا"!!
أهم بالقيام لكني أجد إحداهن تقترب وتجلس بجواري. فستانها القصير الشفاف ينم عن كل شيء. دخان سيجارتها يتراقص محاولاً هز الهواء المتبلد. ألفت انتباهها بحركة من أصابعي؛ فتلتفت.. ما هذا؟! مساحيق وجهها التي انهارت تعبًا خلَّفت وراءها تجاعيد واضحة!
ليست فتاة ليل، إنها عجوز.. "عجوز ليل"! تأملتها جيدًا فانتفضْتُ. لا تهرب.. لا تهرب.. اعترف.. الآن وليس قبل النوم، الآن..
تقيأتُ الإحساس العابر داخلي: إنها تشبه.. تشبه…
أمي!!
لا...
سرتُ مبتعدًا لكن سمتها لا يفارقني:
طلاء شفتيها متعدد الدرجات أراه في ألوان واجهات المباني، وتجاعيد وجهها الشروخ العميقة في الجدر الخلفية لتلك المباني!!
أعدو ومشاعري ككلاب مسعورة تطاردني..
ألمحه فيعلو صوتي بصرخة يهتز لها الهواء الميت في الميدان الخالي: تاكسي!
يوليو 2004

طارق رمضان

المتفتح

يتمشى في حجرته ويضايقه وجود الاركان والاعمدة ويفكر : سحقا للجمود الفكري للمهندسين لماذا لا يكون هناك حجرات دائرية؟ لماذا الاصرار على النموذج المستطيل والمربع ؟ تخلف !!
يظل يقرأ ويفكر بصوت عال وهو يتمشى حتى يداعبه النعاس فيشغل الكمبيوتر على فيلمه المفضل " فورست جامب " يستمتع بمشاهد جري البطل : الله اداء – حركي- عبقري، توم هانكس يستحق الاوسكار فعلا!!
يتوجه للسرير يتذكر فتاة الحلم الماضي كانت جميلة جداا
و كانت الدنيا ضلام وعني هاسحابة ضي
وكان يسير معها في طريق بلا نهاية، يغمض عينيه على امل ان يكمل الحلم الجميل ويستعيد تلك المتعة .. متعة المشي في طريق بلا نهاية!!
يسمع جلبة فيقوم مفزوعا فيجد عملاقين يقفزان من الشباك الى داخل حجرته : انتوا مين ؟
أكيد حرامية.. لا أنا اسف ..ايه اللي انا بقوله ده ؟ لازم اطبق الافكار اللي انا مؤمن بيها .. ليه استسلم لاول فكرة جت في بالي ثم ليه انا خايف؟ المفروض ماخفش الا لما اتأكد انهم حرامية ، ممكن يكونوا جيران ونسيوا مفتاح الباب! بس ليه يدخلوا عندي انا؟ ممكن يكونوا غلطوا في الشباك.. وممكن يكونوا
يقطع حواره صرخة من احدهما : زي مانت شايف حرامية
- بس انا لسه ما قررتش سبني اكمل تفكيري
- تفكير ايه بقولك حرامية
- لو سمحت ماتشوشرش على تفكيري
- والله العظيم احنا حرامية
- ياسيدي ليه تحجر على فكري؟ ده رأيك وانت حر فيه ..
- انت مش مصدق طب تعالى . يشده من ياقة بيجامته ويشهر مسدسه في وجهه فيصرخ: انا عارفكم انتم تبع محمد عباس انا عارف انا بكره محمد عباس !!
- اخرس يصرخ بها حامل المسدس فيستجيب، يبدا الاخر في تفتيش الحجرة .
ينظر الى العملاق المسلح ويبدأ في محاورته: يا سيدي فكر فيما تفعل افتح نافذة عقلك على اتساعها دع افكارك الموروثة واخرج من ملابسك التي وجدت نفسك ترتديها .. فكر خليك متفتح ..
الرجل بابتسامة: الشهادة لله انا ماشفتش حد متفتح زي سيادتك -ويشير الى الشباك المفتوح- .. بس ليه قافل الباب ؟
- ده هم اللي قافلينه بيقولوا اني بامشي وانا نايم !!
يصل الاخر الى المكتبة -
- ايه ده كل دي كتب ، ماع ندكش كتب خارجية للعيال ؟
ويقلب فيها فيصرخ : لا الكتب لا ..
- طب ماتريحنا وتقول بتشيلوا فين الفلوس والمجوهرات .. يصمت .. مش عاوز تتكلم طيب .. يسحب كتابا ضخما ويفتحه مهددا : لو ماتكلمتش هاقطعه .
-. يصرخ: لا الكتاب حرام عليك
- ها اتكلم احسنلك
- -حاضر حاضر بس بلاش الكتاب
- - للدرجة دي غالي
- - طبعا ده ثروة ده عالم صوفي
- .- صوفي ده ايه دلع مصطفى ؟
- - دي رواية في تاريخ الفلسفة
- .- يعني حاجة مهمة انطق بقه ..
يشير الى درج معين ويتناول الكتاب ماسحا غلافه بحنان .
يجمعون الحصيلة فينادي عليهم قبل الرحيل: بجد انتم صعبانين علي حاولوا تفكروا في الكلام اللي قلته
- هو كان بيقول ايه يا معلم ؟
- كان بيقول ان الانسان لازم يطلع من هدومه .
- طب ماهي فكرة ، يا استاذ انت اثرت في انا اقتنعت بكلامك وهانفذه ودلوقت حالا .
بعد التنفيذ يقفزان من النافذة بعد ان يتركاه في الظلمة عار يتحسس!!!
ط

الأربعاء، ٩ يناير ٢٠٠٨

أنا أكتب ..

بعد السلام عليكم
سألنا صديقي أحمد الحضري شاعر العامية المغمور ذات يوم من أيام أحد الرمضانات وكنا على مقهى بالحسين: لماذا نكتب؟؟
كان سؤالا مفاجئا وصادما وكان معنا خالد علي - شاعر العامية المختفي في ظروف معلومة - وحسام عبد اللطيف - أصدقاء مغامير -
بعد ثرثرة ناتجة عن المفاجأة اختزنت السؤال بذهني لى أن طرحته على المغامير ووردت اجابات رائعة أذكر منها ردود ندى مجدي وهناء كامل من قصاصي المغامير.. وظل السؤال يلح علي
طبعا اكتب للتعبير عن أفكاري وتوصيل راسلة ما واستلال للموهبة التي منحني الله اياها وما الى ذلك لكن بالتأكيد هناك أسباب خاصة جدا لدى كل كاتب
منها الحاجة الى التقدير بكتابة الجيد الذي يثني عليه الناس
ومن طموحي القصصي بجد ان اعود بالقصة لتكون فنا مسموعا يطرب لسماعه الجمهور كأنها أساطير او حواديت الجدة التي كانت تجمع احفادها لمتعهم بحكاياها .. كل هذا دون التخلي عن العمق والمستوى الالذي يري النقاد بالكتابة والتعليق .. هذه هي المعادلة التي أتمنى الوصول اليها..
وشخصيا من اسباب الكتابة عنمدي سبب رومانسي جدا وهو اسعاد الاخرين .. انك لن تتخيل هذا الاحساس الا اذا كنت كاتبا
وعندما تنتهي من عملك - اذ كان جيدا - وترى نظرات الانبهار والنشوة الغامرة التي تملأ الوجوه من حولك
يا له من شعور.. وتعاود الكتابة مرة ومرة عاى أمل الوصول بهم لتلك الحالة المسكرة النشوانة.. ولا تتخيل خيبة الأمل الذي أشعر به عندما لا أجد هذه النظرات على الوجوه بعد الالقاء!!
ط

السبت، ٥ يناير ٢٠٠٨

نعم .. غيرة !!

بعد السلام عليكم
لماذا أدون؟
لأعبر عن خواطري وأفكاري .. ربما
لأكتب ما لا أستطيع نشره في أماكن اخرى .. ربما
لأواكب التطور وأسهم في الدعاية لأعمالي الأدبية واسمي .. ربما
لكن المؤكد أنها الغيرة .. نعم فكل من أعرف تقريبا له مدونة حتى أنها أصبحت بديلا عن الايميل - دقة قديمة - أذكر مرة قابلت زميلة شاعرة في الساقية وسألتني: اسم مدونتك ايه؟
لهذا ولأني أعتبر الغيرة شعورا انسانيا عاديا - الغيرة الحميدة وليست القاتلة -
فأنا أدون لآنني غيران
مرحبا بي في عالم التدوين !
أعتقد أنكم ستكسبون كاتبا مهما - اه غرور - ما انا نسيت اقولكم ان الغرور - مش المرضي - من المشاعر الانسانية الصادقة
حيث لا أحب ادعاء التواضع
كفاية كده في اول تدوينة عشان هاوجع دماغكم كتير بعد كده
إلى لقاء
ط