الثلاثاء، ٢١ أبريل ٢٠٠٩

قصة روايتين



قليلة هي الكتب التي تجعلك تترك عادتك السيئة بتأجيل القراءة وتوديع الكتب بقولك: أراك لاحقا.
كنت مترددا في الذهاب إلى معرض الكتاب الأخير كما الذي قبله
فقد اكتشفت أنني أشتري كتبا لأخزنها في انتظار لحظة مناسبة للقراءة ربما لا تأتي أبدا!
لكنني ذهبت عازما ألا أشتري كتابا قد يكون هناك شك في عدم قراءته!
أثارني غلاف هذا الكتاب في المعرض غلاف شيك يغلب عليه اللون الأزرق – لوني المفضل –
ومعنون باسم رجاء النقاش كمؤلف ويحمل صورا صغيرة لأحلام مستغانمي و شخص آخر
– اكتشفت أنه حيدر حيدر..
اسم الكتاب " قصة روايتين " دراسة نقدية وفكرية لرواية "ذاكرة الجسد " ورواية " وليمة لأعشاب البحر"
تعجبت لما عرفت أنه صادر عن دار الهلال!
منذ طالعته وأنا متلهف لقراءته ..
ففي التقديم المكتوب على ظهر الغلاف ويحمل صورة لرجاء ذلك الناقد- الراحل-
الذي أحبه لبساطته في غير تسطيح..
هذا التقديم كان يحمل معلومات مثيرة جدا عن الروايتين
ولأنني اذكر الضجة التي أثيرت حول الوليمة - ورغم هذا لم أسع لقراءتها- منذ سنين.
ولأنني قرأت " ذاكرة الجسد" وأعتبرها من أفضل ما قرأت على الإطلاق..
فقد أثار هذا الكتاب فضولي
..
اذكر ذاكرة الجسد بكل الخير والفضل بإعادتي لقراءة الأدب- ربما القراءة عموما-
فقد قرأتها في فترة ملل من القراءة وقراءة الأدب خاصة بعد سلسلة من القراءات المملة جعلتني لا أستطيع اكمال كتاب وأنفر من الكتب الضخمة..

منذ قرأت ذاكرة الجسد وأنا متيم بها وبكاتبتها،
وقد اتيحت نسخة ديجيتال من روايتها الثالثة في المجموعة "عابر سرير"
وجدت مشكلة كبيرة في قراءتها – ليس فقط لأنني أتعب من القراءة على الجهاز-
لكن لأنني كلما قرأت الفصل الأول شعرت بتشبع من كثرة الصور والتعبيرات الشعرية واكتفيت به وكلما عدت للرواية أعيد قراءة الفصل الأول وهكذا ولا أعرف متى أكملها!

استعرت ذاكرة الجسد من مكتبة مبارك خلال فترة امتحانات منذ سنين بعد أن سمعت عنها من بعض المغامير،
لفت نظري تقديم نزار قباني للرواية ،
بداية الرواية لاحظت أسلوب السرد الشعري ،
وقد كنت أعتبره – في القصص عادة – فذلكة وتكلف ومضر بتدفق الحدث ،
لكن هنا أعجبني وأسرني وأصبحت محاطا بعالم أثيري من الصور المدهشة وعندما انتهيت من الرواية انتابتني ذات النشوة التي أشعر بها عندما أسمع قصيدة رائعة
– لكل جنس أدبي متعة خاصة به في رأيي- فالرواية وكأنها قصيدة طويلة – قصيدة ديوان – وكان مناسبا جدا أن يقدم لها نزار قباني بمثل هذا الكلام
– ذكر أنه لم يقرأ شيئا يكتبه مثل هذه الرواية –
فالأسلوب نزاري الى حد كبير،
لكن ما اعجبني في الرواية أنها ليست مجموعة من الصور والتراكيب والعبارات الجميلة فقط
– كما يفعل البعض حاليا خطأ- لكنها تحوي موضوعا مهما ورؤية واعية للواقع الجزائري وربما العربي وهي فكرة انسانية عموما عن الذين يضحون ويموتون من اجل الحرية وهؤلاء الذين يجنون الثمار!
يمكن تطبيقها على أكثر من بقعة في وطننا العربي وربما العالم..
ولمست عندي وتر حرب أكتوبر وما تلاها من اجراءات انفتاحية واتفاقيات سلام وصعود طبقات جديدة استولت على النصر!
وهكذا الرواية تلعب بتوازن بين الأسلوب والمضمون ..
فعندما تجد نفسك مستغرقا في التحليل والتعليق والوصف النفسي والانشائي وقبل أن تمل تعاجلك الكاتبة بحدث يدفع الرواية للأمام ويسرع من رتم الأحداث .. وهكذا ..
وهناك مشاهد – من الذاكرة – لا أنساها منذ قرأت الرواية كمشاهد الحنين لمدينة قسنطينة والكوبري ومشاهد زيارة البطلة لأسبانيا والحديث عن الحضارة الاسلامية الغابرة في الأندلس.. أما الشخصية التي لن أنساها – خلاف الشخصية المحورية التي فقدت ذراعها في حرب التحرير- هي شخصية أخو البطل الذي لم يخرج من بلدته وكان كل حلمه هو رؤية العاصمة وما حدث له ولحلمه في النهاية – يا الله –
منذ قراءتها وأنا أتمنى الكتابة عنها لكنني كنت خائفا من عدم استطاعتي وصف سعادتي بها ، وربما لم يكن عندي الكثير لأقوله عنها خلاف الانبهار!

لكن جاء كتاب رجاء النقاش وأعاد إلي حماسي للكتابة
الكتاب المثير يثير غبارا كثيفا حول الرواية التي أحبها كل هذا الحب..
أولا الكتاب يناقش الشائعات الأدبية التي حول "ذاكرة الجسد" وأنها مكتوبة بقلم آخر – نزار قباني أو الشاعر العراقي سعدي يوسف -
ثانيا الكاتب يكشف لنا اكتشافه المثير جدا حول العلاقة بين ذاكرة الجسد والوليمة..
مع فصول الكتاب:
بعد عام من الفتنة الأدبية – كما يسميها – التي ثارت حول الروايتين يكتب رجاء بعد أن هدأت العاصفة قليلا، حيث تجنب الكتابة وقتها حتى لا يصنف تحت أي من الفريقين الذين ينتج أي صراع أو فتنة عن افصالهما..
الرواية ألأولى ذاكرة الجسد أشيع أن لها كاتب آخر(نزار/ سعدي)
والرواية الثانية هي وليمة لأعشاب البحر أتهمت انها ضد الدين وتطعن في القرآن..

الفصل الأول بعنوان: روايتان متشابهتان فأين الأصل وأين الصورة؟

يحكي تفاصيل ماحدث للروايتين: الوليمة عندما ثار الدكتور محمد عباس في مقال بعنوان من يبايعني على الموت؟ يتهم فيه الرواية وكاتبها بالخروج على الدين وازدراء الاسلام والقرآن.. وقد أيده الكثيرون من المتطرفين وعارضه الكثيرون من الملحدين – حسب وصف كل فريق –
أما رواية أحلام مستغانمي- وذكر أنه سأل عن معنى اسمها فأخبره البعض أنه اسم بلدة جزائرية – فقد أثيرت الضجة عندما ذكر على لسان الشاعر العراقي سعدي يوسف ما يفيد أنه الكاتب الحقيقي للرواية!
بسبب هذه الضجة وتلك قرر قراءة الروايتين وكان اكتشافه المثير:
ان الروايتين متشابهتين إلى حد التطابق أحيانا..
وأدلته:

- الخلفية العامة واحدة وهي أحوال الجزائر بعد الاستقلال والفكرة الرئيسية متقاربة وهي نقد الواقع الجزائري والعربي بوجه عام منذ السبعينات.
- بطلة الرواية هنا وهناك هي ابنة لشهيد من أبطال حرب التحرير.
- كل منهما يتغنى بعشق مدينة جزائرية ما (عنابة في الوليمة وقسطنطينة في ذاكرة الجسد)
- بطل الرواية متشابه إلى حد كبير فهو ثوري سابق تركت الثورة آثارا ما في نفسه في الوليمة وافقدته حرب التحرير ساقه في ذاكرة الجسد – على ما أذكر أن البطل كان قد فقد ذراعه وليس ساقه كما ذكر رجاء !-
- تنشأ قصة حب بين البطل والبطلة في كلا العملين
- تفسد قصة الحب في كلا الروايتين نتيجة تدخل أحد المنتفعين أو الأثرياء الجدد.
- الشخصية المثالية واحدة في الروايتين خالد الذي يؤمن بالتغيير بقوة السلاح وزياد الفلسطيني المشارك في المقاومة ونهاية كللاهما واحدة وهي الموت.
- هناك ذكر للشاعر الجزائري مالك حداد- الذي قرر بعد الاستقلال ألا يكتب الا بالعربية فلم يكتب بعدها - في الروايتين.
- اسم خالد مستخدم في الروايتين وهو تشابه شكلي كما ذكر رجاء نفسه.

بعد كل هذه التشابهات يطل السؤال برأسه أيهما الأصل؟
بالرجوع إلى تاريخ كتابة الروايتين نكتشف أن الوليمة مكتوبة من 1974 حتى 1983 أما ذاكرة الجسد فقد انتهت كاتبتها منها في 1988
- آن آن آن يعني عاوز تقول ان أحلام حرامية ومن مين حيدر .. مذهل!! –
يتساءل بعدها
اذا كان كذلك فلماذ لم يسمع أحد بالوليمة الا بعد 17 عاما من كتابتها وذلك حين اتهمت بأنها ضد الدين.. في حين نجحت رواية أحلام من اول طبعة ونالت جائزة نجيب محفوظ- تلك الجائزة التي استحدثتها الجامعة المريكية - ونالت شعبية جارفة وطبعت عشرات الطبعات وأصبحت من الروايات الاستثنائية كموسم الهجرة إلى الشمال ومدن الملح وأولاد حارتنا- في رأيه!-

الفصل الثاني بعنوان معركة بالأظافر الطويلة:

يحاول رجاء استكشاف أسباب نجاح ذاكرة الجسد وأول سبب في رأيه:
شخصية الكاتب: أحلام – كما سمع عنها- شخصية نشطة ومتفتحة مهتمة بالظهور الإعلامي ولديها علاقات جيدة بالوسط الأدبي والصحفي – وزوجها هو الصحفي والأديب اللبناني المسيحي المعروف – هناك يمكن- جورج الراسي – على فكرة المفروض ان أحلام مسلمة! - - وتصريحات أحلام جريئة وصريحة وتلفت النظر إليها دائما.. على عكس شخصية حيدر المنطوية الخجولة التي تفضل العزلة والصمت..
الغريب أن شخصية كل منهما لم تظهر في الرواية بل حدث العكس ، فقد جاءت رواية أحلام ملتزمة ومحافظة وجاءت رواية حيدر فجة وصريحة بل وقحة!
يستشهد رجاء بدراسة كتبتها الأديبة الأردنية المقيمة في لندن زليخة أبو ريشة والتي تهاجم الرواية وصاحبتها وتذكر أنها في البداية لم تستطع اكمال الرواية بعد قراءة 20 صفحة منها – بالمناسبة لي صديق ذكر نفس الرأي – وأن نجاح الرواية يعود إلى قدرة الكاتبة على تسويق منتجها واحتفاء الكثيرين بكل ما هو جزائري ، فقد تم تقديم الرواية على أنها أول رواية نسائية جزائرية باللغة العربية وهذا يمكن تفنيده بسهولة لكن هذا لن يؤثر على نجاح الرواية فكما المال يجلب مالا فالنجاح يجلب بجاحا!
يعلق رجاء أنه ربما يتفق مع ما ذكرته الكاتبة لكن هذا غير كاف لإنجاح الرواية
فهناك عوامل أدبية في الرواية أدت لنجاحها الاستثنائي.

الفصل الثالث بعنوان: لماذا نجحت ذاكرة الجسد رغم انها صورة من رواية أخرى؟

رواية ذاكرة الجسد في أي ميزان أدبي عادل بها نقطة ضعف رئيسية وهي اعتمادها على أصل أدبي معاصروهو رواية الوليمة لحيدر.
لكن التاريخ الأدبي في العالم يسجل – حسب رأيه- أن الموضوع الواحد يمكن أي يكتب من اكثر من زاوية ولكل جمالها كما حدث مع اسطورة أوديب مثلا!
وفي الأدب العربي باب ضخم اسمه السرقات الأدبية في الشعر خصوصا
- ذكر أمثلة من الأبيات الشهيرة وأصلها المغمور مثل وما نيل المطالب بالتمني لشوقي –
ورغم الاعجاب الشديد بموهبة حيدر المتوحشة – حسب رأيه برضه – لكن ذاكرة الجسد تفوقت على الوليمة في الأداء الفني والأدبي وتخلصت من كثير من الأخطاء التي وقع فيها حيدر!
وهذا هو سر نجاح ذاكرة الجسد وفشل الوليمة

..
نكمل لاحقا إن شاء الله
ط

الأربعاء، ١٥ أبريل ٢٠٠٩

فرحة 2


الأستاذ الدكتور الجميل / عبد الستار الحلوجي -المشرف على الرسالة-

كلماته أجمل من أي شعر

ولأول مرة حديث عن مغامير في مناقشة رسالة جامعية












































النطق بالحكم :

إمتياز.. فليس في الجامعة أكثر من ممتاز

مع الوصية طع الرسالة

























ط











الأحد، ٥ أبريل ٢٠٠٩

فرحة1


قليلة هي الأيام التي تؤرخ بها لذكرياتك

لكنها عادة ما ترتبط بالفرح الشديد أو الحزن الشديد

وها هي مناسبة - نحمد الله - أنها متعلقة بالفرحة

ليست فرحتي وزوجتي فقط

لكنها كذلك تلك الفرحة التي ارتسمت على وجوه محبة بصدق

فكثيرا ما تتضاعف سعادتنا حينما نتسبب في إسعاد آخرين

نحبهم

..

1- آيات المحبة

شكرا لكل من يستحق الشكر

ومفاجأة مغاميرية في النهاية

انتظروا الباقي قريبا

ط