الأحد، ١٦ أكتوبر ٢٠١١

أميبا


     يُقذف من الأتوبيس المزدحم بعد أن يفقد ملابسه الخارجية. لا وقت للتفكير في المحفظة أنا متأخر ولا بد من الإسراع. منظره شبه العاري أشعره أنه عاد إنسانًا بدائيًّا لكن بلا حرية!! يُدفع للسير في الشارع الذي يعج بالبشر حتى يصل لقضبان السكة الحديدية.


     يبدأ مع أقرانه في العبور فيعلو صوت قطار قادم من ناحية اليمين. يتوقفون ناظرين للناحية التي أتى منها الصوت فلا يرون شيئًا. يقررون العبور، وفي منتصف الطريق يأتي قطار مسرع من ناحية اليسار ويدهس الجميع. ينجو بعد أن يفقد قدمه. ينظر للجثث خلفه: آسف.. لا وقت لديَّ!

     يقفز محاولاً الإسراع فتراوده فكرة أنه أصبح قردًا لكنه قرد بلا  أشجار! لا وقت للحزن. اعتقد أن الزحام قد يخف بعد حادثة القطار لكن آلافًا من البشر أشعروه بخيبة الأمل. يحاول تخطيهم بقفزاته فتأتي سيارة طائشة تصدمه وتطير ذراعه اليسرى في الهواء. ينظر له بحسرة مكملاً طريقه. يطلب الأمان بالقفز على الرصيف. يشعر أنه تأخر، وعندما يريد معرفة الوقت يتذكر ذراعه التي طارت. ولا يمر وقت حتى يأتي ميكروباص يتخطى الرصيف حاملاً ذراعه الأخرى!


     لن أيأس، يمكنني مواصلة طريقي بلا أذرع. يلمح منظره في مرآة أحد المحال من وراء زجاج نظارته السميكة فيتذكر الكنغر .. "كنغر بلا أولاد"!


     يفاجئه التعب -قدم واحدة لا تكفى.. لا بد من الراحة- يلقي بنفسه على أقرب مقهى. يشاهد التلفاز فترة فيطير عقله. تفقد أنفه حاسة الشم من اختلاط دخان الشيشة مع دخان السيارات الكثيف فيقوم مترنحًا مواصلاً قفزاته. يجد أضواء زفاف، يمر بين المدعوين بصعوبة ويلقى نظرة سريعة على الكوشة، يشاهد العروس فينكسر قلبه!!


     تقفز الدموع من عينيه إلى الأرض بغزارة. يقطع عليه حزنه دفعة تأتيه من الخلف، تُسقط نظارته وتوقعه

على الأرض. يقوم بعد عناء - لا بد من مواصلة الطريق.


     يكتشف أنه لا يرى.. أصبح خفاشًا بلا أجنحة في المدينة المضيئة!

     يرى بأذنيه سيارة شرطة قادمة، ويفاجأ بشخص يمسك بما تبقى من تلابيبه: بطاقتك!


     يريد أن يضحك فينحبس صوته. يحاول الصراخ فلا يسمع شيئًا! لقد تأخرتُ كثيرًا.


     يسمع صوت سباب وعراك ويشعر بمن يجرى حوله. يتخبط حتى يفاجأ بضربة تفصل ركبة رجله السليمة فيهوي. يزحف مصرًّا على الوصول. يمر من بين الأقدام منثنيًا كالثعبان.. ثعبان بلا سم!


     يعلو فجأة صوت الميكروفونات وضجيج السيارات فتصم أذناه ويفقد آخر خيط يربطه بالعالم. تدوسه أقدام وإطارات سيارات.. يصبح..........


     لكنه غير يائس. ينقبض وينبسط محاولاً التقدم، يتحرك في مداره البيضاوي ببطء والأمل هو آخر ما يملك. وهو مستمر في الانقباض والانبساط:
بالتأكيد سأصل!!!!

 ط


السبت، ١ أكتوبر ٢٠١١

ثلاثة مخرجين











نعرض هنا لتحولات ثلاثة مخرجين خلال مشوارهم السينمائي








1- خيري بشارة








فبعد أن كان أحد رموز الواقعية الجديدة مع محمد خان وعاطف الطيب وداود عبد السيد وغيرهم
وبعد أن قدم أفلاما مثل العوامة70 والطوق والاسورة ويوم حلو يوم مر لفاتن حمامة
والفيلم الأخير هو اكثرهم تعبيرا عن تلك المرحلة حيث الواقعية الشديدة في التناول - المتاثرة بالسينما الايطالية- وتصوير حياة الناس البسطاء تقريبا كما هي دون تزويق
والتعبير عن احلامهم واحباطاتهم
بعد هذه المرحلة قدم أفلاما مثل
آيس كريم في جليم وامريكا شيكا بيكا وحرب الفراولة وقشر البندق واشارة مرور
معظمها من تأليف مدحت العدل .. وهي نوعية مختلفة من حيث الشكل
نرى فيها ملمحا تجريبيا يحمل فلسفة ما
لكنه ظل يحمل مضمونا ومعبرا عن البسطاء وفي معظمها كانت البطولة جماعية
بصورة شخصية أحب هذه النوعية من الأفلام
..








2- شريف عرفة

بدأ بأفلام فيها الكثير من الفانتازيا والتجريب
الأقزام قادمون - الدرجة الثالثة - سمع هس - يا مهلبية يا
من تأليف ماهر عواد
ثم الخماسية الشهيرة مع وحيد حامد وعادل امام وهي الأفضل في تاريخ هذا الممثل
اللعب مع الكبار والارهاب والكباب والمنسي وطيور الظلام والنوم في العسل
وعمل مع وحيد وأحمد زكي اضحك الصورة تطلع حلوة
ثم كان التحول مع الكوميديانات الجدد وراهن لى علاء ولي الدين واخرج له الثلاثية
عبود والناظر وابن عز
لاحظ الفرق في المضمون
وايضا مافيا وفول الصين العظيم
لكنه عاد وعمل الجزيرة وهو فيلم جيد
ثم اولاد العم وهو فيلم جاد
رأيي انه برغم تغييره لنوعية الأفلام التي قدمها لكنه احتفظ بأدواته كمخرج متمكن
راجع الناظر وفول الصين ومافيا ستجد شغل اخراجي جيد
..








3- محمد النجار








التحول الأكثر دراميتيكية وغرابة
هذا المخرج بعد ظهور أول افلامه زمن حاتم زهران لنور الشريف تنبأ له النقاد أن يكون عاطف طيب آخر
الفيلم لاقى استحسانا كبيرا من النقاد وشارك في بعض المهراجانات وهو فيلم جيد يدين فترة الانفتاح ولا مانع من الترحم على زمن ناصر
بعدها فيلما اخر عن الانفتاح والفساد الساداتي
الهجامة لأسامة أنور عكاشة وبطولة هشام سليم وليلى علوي
وهو فيلم سياسي جيد ومن الفلام القليلة - مع فيلم زوجة رجل مهم و الامبراطور على ما اذكر- التي ذكرت ما حدث في يناير 77 من ثورة جياع/انتفاضة حرامية
بعدها عمل فيلم الذل لمحمود ابو زيد وهو فكرة فانتازية ساخرة ذات مضمون اجتماعي
كان التحول بإخراج الكارثة التليفزيونية المفاجاة " لما التعلب فات" لأسامة انور عكاشة ومحمود مرسي ويحيى الفخراني لكن ممكن نعديه لانه مسلسل كوميدي عبثي
لكن التحول الحقيقي لما اخرج أفلام مثل
قلب جريء وبحبك وانا كمان لمصطفي قمر ورحلة حب لمحمد فؤاد وما على شاكلتها
وتخصص في هذه النوعية التي لا تختلف عن افلام السبكية
تحول غيرب ومفاجيء وافلام لا تمت لفلامه الاولى بصلة كأنه مخرج اخر ...







حاجة تغيظ














ط