السبت، ٢٩ مارس ٢٠٠٨

قصـــــة قصـــــــــــة

قصـــــة قصـــــــــــة

بداية:
كان معي في مدرسة الأورمان الثانوية: رغم ضخامة بنيته وسماره الصريح كانت مشيته بناتي إلى حد مستفز وكذلك طريقة كلامه .. وهو ما كان يستثيرني..وكانت تنتابني رغبة قوية جدا في ضربه عليه..في طابور الصباح – المقدس – كان الناظر- الذي كان يشبه في هيبته ومشاعر البغض التي نحملها له رجال أمن الدولة حاليا - يلف بخرزانته الأطول منه في أرض الطابور مفاجئا من يلتفت أو يتكلم بلسعة لا يعرف مصدرها.. وكان اخونا هذا يفاجئني بوقوفه امامي وأظل معذبا طوال الطابور بين مقاومة رغبتي المحمومة ومحاولة الهروب للخلف دون أن يراني أحد.. في الفصل أيضا لم يرحمني واكتشفت أنه حجز الدكة التي أمامي وعلى الفور لميت هدومي وطفشت إلى دكة اخرى ولم ألتفت إلى زعل زميلي في الدكة القديمة..انتهت سنة أولى والحمد لله دخلت فصل مختلف في سنة تانية ، لكن كلما رأيته في الفسحة أو المرواح كانت رغبتي تعود..خلصت ثانوي وحمدت ربنا لكن القدر أدخله معي هندسة القاهرة وكان معايا في اعدادي في نفس السكشن!!فوجئ بي بعد انتهاء السنة الإعدادية أتقدم إليه وأسأله – فلم نكن أصحاب يوما – انت ناوي تدخل قسم ايه؟أجابني وسط ذهوله : عمارة ليه ؟رديت : خلاص أنا هدخل كيميا في المبنى البعيد ده الناحية التانية من الكلية ماشي؟!
...
وسط:
لم أكن محظوظا ودخلت مع 2 أصدقائي جدا الجيش كضباط احتياط من ضمن الدفعة كلها ولكنني كنت محظوظا حيث كانت خدمتي - بعد كلية ضباط احتياط ومعهد المهندسين - في أحد المصانع:كنت أتابع بتأمل وعمق عملية تفريغ أحد الأحماض من خزان محمل على شاسيه عربة نقل إلى أحد تنكات التخزين فقد كانت هذه العملية تتم باستخدام ضغط الهواء اعتمادا على قاعدة أن أي نقطيتين في مستوى أفقي واحد لهما نفس الضغط.. أثارتني حالة امتلاء الخزان بالهواء – في النهاية – وفراغه من الحامض.. وكأن الهواء طرد الحامض .. وفكرت اذ اعتبرنا اللاوعي أو الوجدان الانساني ملئ بالرغبات المجنونة والمحرمة التي نتجنبها ونتناساها بسرعة اذا ما انتابتنا .. وأنه لظروف ما لم نستطع تحقيق رغباتنا العادية جدا والمشروعة وحاولنا تخزينها في وجداننا الملئ أصلا .. بالتالي من الممكن أن تخرج لا اراديا الرغبات المجنونة المكبوتة .. خزنت هذا في وجداني على أمل التعبير عنه قصصيا يوما..
...
نهاية:
وبعد سنين أردت التعبير عن هذه الحالة قصصيا ولم أجد سوى هذا العنوان التقليدي ليعبر عن الحالة ..خططت القصة في صورة 3 مقاطع – مشاهد – مسلسلة أولهم تتحق فيه الرغبة التي لم أحققها مع ذلك الزميل القديم والمشهد الثاني لفكرة تطرأ على ذهني أحيانا عندما أسير مع أخ أو صديق على جانب أحد الطرق وأفكر انه اذا دفعت من معي دفعة واحدة فسوف تدهسه سيارة و ويموت أي أنه بحركة واحدة يمكنك أن ترتكب جريمة او تعمل عملا عظيما / فظيعا .. المشهد الثالث هي تلك الحالة التي تشبه الفوبيا من الأدوار العالية فعندما أنظر من عل تنتابني رغبة مجهولة لرمي نفسي سواء كنت أعلى بناية سكنية أو على كوبري على النيل.. فكانت المشاهد تحقيق الرغبة الأولى ثم يدفع البطل صديقه تحت عجلات سيارة ثم في النهاية ينتحر بالسقوط من عل... ما حدث أنه بعد كتابة المشهد الأول انتابتني رغبة أن أنهي القصة هنا .. وقد استسلمت لتلك الرغبة !
...
رغــبة
الرغبة محمومة وطاغية. يحاول التشاغل عنها بالنظر إلى الشارع من النافذة. يرى مخبزًا. بتلقائية يفكر في النـزول وأخذ مكانه في الطابور السرمديِّ! لكنه يتذكر فشله في الأيام السابقة في الوصول! تعاوده الرغبة أكثر إلحاحًا فيعاود الهرب. يدير بصره إلى الجهة الأخرى فيجد على الكرسي المقابل فتاة عارية الذراعين. يتمنى لو.. عيب، ممنوع! لا مفر من الاستسلام لماكينة الكلام من خلفه. يضحي بأذنيه ويلقي بهما لتنقذاه من رغبته الطارئة! رغمًا عنه وجد عينيه تعودان. تسيطر عليه الرغبة المجنونة.- لماذا لا ينـزل هذا اللعين ويريحني؟! يفكر في النـزول.. الرغبة تقيده! يستسلم. يتأمل القفا العريض للراكب أمامه الذي يغريه كأنه يناديه: - من فضلك، اضربني! قفا عريض.. أسمر كجلد الفيل. يحاول إمساك يده المتحمسة والمتعطشة.. الرغبة تزداد.. يقاوم.. تضطرب مشاعره. لا لا.. لا أستطيع المقاومة أكثر من ذلك!- آآآي. يجري وسط ضحكات الركاب الذين انتبهوا على صوت الصفعة والصرخة! يقفز من الأتوبيس المسرع، وقد أحس ببعض الارتياح!!!
طارق رمضان
مايو 2004

الأربعاء، ١٩ مارس ٢٠٠٨

قرأت لك: قالت الراوية


قرأت لك: قالت الراوية

كانت البداية مع كتاب " حديث الحداثة " للناقد العربي عابد خازندار وهو عن نشاة التيارات الحداثية ورموزها وما بعد الحداثة وتحدث فيه عن الأدب الأنثوي كتيار مابعد حداثي
وفرق بين الأدب النسائي الذي يصف الأنثى كجزء من واقع الرجل مثل كتابات جين اوستن وشارلوت برونتي والأدب الأنثوي الذي يستهدف تقديم واقع أنثوي محض.
وقد كانت رؤيتي الشخصية لكل ما يقال عما يسمى أدب نسائي أو نسوي أو حريمي أو أي ثرثرة من هذا النوع انه نوع من الابتزاز الأدبي - في مصر خاصة - هدفه لفت النظر لمجموعة من الكاتبات محدودي الموهبة لا يجدن سوى الصراخ لنشر بضاعتهم الراكدة وقد كان – بفضل السيدة الفاضلة إلى الان - فتم عمل سلاسل تنشر هذا الغثاء وتفرضه على المتلقي المسكين ويمكنك ان تراجع ما صدر مما يسمى سلسلة ابداع المرأة وما على شاكلته.
خلاف هذا الإبتزاز الصريح كنت أرى مجموعة من الببغاوات يرددون كلاما عن حرية المرأة وحقها في التعبير عن نفسها والخروج من عباءة الرجل وأنه قد آن الأوان لتعبر المرأة عن نفسها بنفسها.....
وقد كنت أيضا أعتبر هذا كلام عفا عليه الزمن ودائما ما أرى أن الكاتبة الموهوبة لا تحتاج لأي لافتة أو مظلة تحميها أو تلفت النظر لأدبها فمثلا " أحلام مستغانمي " تلك التي أحببت واحترمت كتاباتها لم أنظر إليها على أنها امرأة ولم يدخل ذلك في تقييمي لما تكتب ولا أعتقد أنها شغلت نفسها بتصنيف أدبها وهل هو أدب نسائي أم انثوي ولا اعتقد أن ذلك سيزيد من تقدير القارئ لها فهي ليست بحاجة لذلك لتمكنها الأدبي لذا كنت أعتبر الأدب نشاط انساني لا علاقة له بالجنس.
نعود الى حديث الحداثة الذي فاجأني بالحديث عن تجربة قامت بها كاتبة جزائرية فرنسية " ماري كاردينال " في روايتها " Le Passe Empiete " وهناك أكسو على كل حروف ال " e " تعذر على الكيبورد كتابتها
وهذه الرواية اعتمدت فيها الكاتبة على " الاوريستيا " لايسخيلوس
وهي دراما اغريقية من 3 أجزاء وتبدأ في جزئها الأول بعودة " أجا ممنون " من حرب طروادة مظفرا سابيا " كاسندرا " ابنة " برايام " ملك طروادة . وكانت حرب طروادة قد اشتعلت بسبب خطف " باريس" ابن " برايام " ل " هيلين " زوجة " مينيلاس " ملك اسبرطة وشقيق " اجا ممنون" و هيلين هي ايضا أخت " كليتمنستر " زوجة أجا ممنون. وتفشل جهود الإغريق لاستنقاذ هيلين في البداية ، الأمر الذي يدفع أجا ممنون لذبح ابنته " ايفيجيني " قربانا في سبيل الحرب ، وهو الأمر الذي يستثير كليتمينستر. التي تخون زوجها في غيبته وتقدم على قتله بعد عودته . ويبدأ الجزء الثاني بقيام " أوريست" واخته " الكترا " ابنا اجا ممنون بالانتقام من امهم وقتلها
والجزء الثالث عن محاكمة الابنين ومطالبة قوى الشر بدمهما لكن نتيجة تدخل " أثينا " الهة الحكمة عندهم – واسطة – يتم العفو عنهما.
هذه هي الدراما التي اعتمدت عليها الكاتبة وقدمتها من منظور انثوي يدافع عن " كليتمنستر" ويتكلم بلسانها مبررا ما فعلته مع زوجها- من خيانته وتقطيعه في اكياس وخلافه –
أعجبني هذا الطرح جدا وفاجأني وجعلني اعيد تصوراتي حول هذا الموضوع....
بالمناسبة الكتاب موجود في مكتبة الجيزة العامة – مبارك حتى الان -
بعدها وانا أتصفح الرفوف المزدحمة بالكتب لا ألوي على شيء حتى لفت نظري هذا العنوان :
قالت الراوية
حكايات من وجهة نظر المرأة
من وحي نصوص شعبية عربية
تحرير: هالة كمال
استعرت الكتاب وعرفت انه عن مجموعة تسمى " مجموعة المرأة والذاكرة " وهي كما يعرفون أنفسهن:
" تقوم المجموعة بالبحث في التاريخ العربي والتركيز على الجوانب الثقافية التي تمس المرأة المعاصرة مع تبني منهج يأخذ في الاعتبار قضايا الجندر ( التشكيل الثقافي والاجتماعي للجنس ) مع توسيع دائرة البحث عبر مختلف التخصصات الأكاديمية والعملية فقراءة التاريخ الثقافي العربي وسيلة لتبني قضايا المرأة المعاصرة لإعادة التوازن المنشود للذاكرة الجماعية التي تم تشويهها بسبب عملية الاقصاء التي عانت منها النساء والفئات المهمشة في المجتمع
وقد قامت المجموعة بعمل لقاءات عمل بعنوان قراءة وكتابة حكايات عربية من وجهة نظر المرأة"
و المشركات هن:
سحر الموجي – هالة كمال – سمية رمضان – نسمة ادريس – أمل عمر – أميمة أبو بكر – داليا بسيوني – رانيا عبد الرحمن – سحر صبحي – منى ابراهيم – منى برنس – منيرة سليمان – هالة سامي – هالة كمال – هدى الصده
وقد تركت مساحة من الحرية لهن في نهاية الكتاب لتعريف أنفسهن مثل:
" أمل عمر : أنا لا لي في التور ولا في الطحين .. بس ايه؟ باقول شعر عامي وبكتب قصص يعني مانيش مدرسة ولا باحثة ، ولا لي في الشغلانة بتاعة اخواننا دول كل الحكاية اني درست ادب انجليزي بس ماكملتش تعليمي .. خرجت بعد التعليم بعد الليسانس ، بس بفك الخط والحمد لله .. وبالليسانس المعادل للدبلون اشتغلت في الفنادق والسياحة .. ربنا ما يوري حد ، مانتو عارفين الحال . المهم اني صعبت عليهم م الفراغ اللي عايشه فيه بعد خراب السياحة وجابوني اكتب معاهم . وكانت .. اشربوا انتو بقه يا قراء . قدركو . ربنا معاكو.
" هالة كمال: مدرسة مساعدة بقسم اللغة الانجليزية بآداب القاهرة . وباحثة في "ملتقى المرأة والذاكرة " مهتمة بقضايا الثقافة والجندر كمنهج للبحث عبر التخصصات المختلفة ، واهتم تحديدا بكتابات الأقليات والفئات المهمشة وخاصة النساء ، وذلك في إطار أشمل يتضمن مختلف صور التعبير عن المرأة والكتابة النسائية.
وهكذا
معظمهن مدرسات مساعدات في أداب انجليزي القاهرة..
وفي المقدمة التي صاغتها المحررة تطرقت إلى عمل مقارنة بين التاريخ والتراث الشعبي (المدون) والمأثور الشعبي ( الشفاهي)
فالتسجيل الرسمي للتاريخ – كما ذكر قاسم عبده قاسم في كتابه بين التاريخ والفلكلور – قصد به أن يكون تأريخا أما التسجيل الشعبي فهو شفاهي تراثي تتناقله الأجيال وتزيد عليه وتغير في مضمونه بما يخدم الجماعة الانسانية
وكذا ينقل التراث الشعبي الجوانب الصامتة من التاريخ التي غفل المؤرخون عنها على اعتبار أنها أقل أهمية رغم أنها التي تشكل إيقاع الحياة اليومية وتمثل جزءا هاما من التاريخ يضيف بعدا يجسد الرؤية الوجدانية للتاريخ.. كما أن التاريخ الرسمي يدونه أفراد لهم علاقة ما بالسلطة لكن التراث الشعبي ربما تحكمه علاقات أخرى كعلاقات الطبقة والجنس والعرق.
لذا كان الاهتمام بالتراث الشعبي
والدراسات العربية تخلو من الاهتمام بتحليل الحكايات من وجهة نظر نسائية فلا تتعدى اشارات مقتضبة إلى صورة المرأة في نص أو اخر مثلما تناولت سهير القلماوي صورة المرأة في ألف ليلة وليلة
أما عالميا فقد كانت هناك أليسون لوري وكان كتابها يضم مجموعة من الحكايات المكتوبة في اطار معاصر .. وتذكر في مقدمته ان محاولة اعادة كتابة الحكايات مع تبني قيم معاصرة وانتقاد سلوكيات مرفوضة كانت خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ..
وهناك أيضا ايلين دتلو وتيري ويندلينج الأمريكيتان وتمت اعادة كتابة بعض الحكايات لتتناسب مع اللحظة الراهنة..
أما أول محاولة جمعت بين المعاصرة والمنظور النسائي فقد كانت من خلال البريطانية أنجيلا كارتر عام 1979 في مجموعتها القصصية
The bloody Chamber وقد كانت مجموعة من القصص المعتمدة على حكايات شعبية تأخذ في الاعتبار وجهة نظر مناصرة للمرأة.
نعود الى الكتاب وكان الهدف منه الخروج من التراث بروايات جديدة ونصوص مختلفة تتبنى وجهة نظر المرأة
وقد تم الاعتماد على مادتين أساسيتين في هذا الكتاب أولهما بعض حكايات ألف ليلة وليلة وثانيهما بعض النصوص الشعبية
فمن حكايات ألف ليلة تم اختيار:
القصة الاطار: وهي قصة شهريار وأخوه شاه زمان
وحكايتي الجارية في كيد الرجال 1 و 2
وحكاية نعم ونعمه
والليلة الأخيرة
ومن الحكايات الشعبية:
ست الحسن والجمال
الشاطر حسن
ست الحسن والسبع جدعان
هيلانة
أبو السبع بنات
عروسة راجل بنت راجل
من يوم ما جيتي يا بنتي

بعد القراءة:
الحكايات التي تم تعديلها سواء من ألف ليلة أو الشعبية تم ذلك بأسلوب متعسف ومتكلف في معظم الأعمال على عكس التجربة التي تحدثت عنها من خلال الكاتبة الجزائرية عن الكترا وأمها فقد كانت منطقية وتم تفسير وجهة نظر المرأة من خلال النص نفسه عن طريق التركيز على حدث ما في النص الأصلي وتحليله وبيان أثره على الشخصية المتبناة حتى وإن كنت أرى أن ذلك جاء على حساب إمرأة أخرى وهي الكترا نفسها التي أدانتها الرؤية الجديدة بطريقة غير مباشرة حيث أن انتقامها غير مبرر هنا!
لكن في نصوص الأخوات المذكورات لاحظت سطحية في التعامل مع النص من خلال تغيير في حدث من الأحداث ليخدم وجهة نظرهن كما حدث في القصة الاطار من ألف ليلة وهي قصة شهريار وأخيه شاه الزمان اللذين اشتركا في رحلة بعد علمهما بخيانة زوجتيهما وزهدهما في الحياة ولقاءهما بالفتاة التي حبسها الجني ورغم هذا استطاعت أن تحمل عددا كبيرا من الرجال وتأخذ من كل واحد منهم خاتمه – صار لديها عقدا به 570 خاتما - على مضاجعتها وطلبها ذلك منهما. فلما رأيا ذلك هان عليهما حالهما وخف حزنهما حيث أن هذا عفريت وحدث له أعظم مما حدث لهما ..
وقد قدمت " سمية رمضان" هذه الحكاية من وجهة نظرها في حكايتها: حكاية مٌلك شهريار وأخيه
حيث عدلت في الحكاية الأصلية بأن جعلت فتاة الجني محترمة والعقد الذي معها لخواتم الرجال اللذين راودوها ورفضت وتدفع بكذب الحكاية الأصلية على لسان هذه الفتاة التي يراودها شهريار وأخوه طامعين فيها فترفض وتوقظ الجني فيهربا إلى مدينة أخرى يسكران فيها ويحكيان لأهل المدينة الحكاية الأصلية مشوهين صورة فتاة الجني..
وهكذا على مدار الحكايات لكن أعجبتني تجربة سحر الموجي مع داليا بسيوني في حكاية الفهد في عالم النساء وأيضا حكاية عين الحياة لمنى ابراهيم عن نفس النص من ألف ليلة : حكاية الجارية في كيد الرجال 1
فالحكاية الأصلية من ألف ليلة عن ملك أراد أن يزوج إبنه من إبنة أحد الملوك وكانت الفتاة ترفض الزواج من إبن العم الذي يريدها ولما علم ابن العم هذا بأمر زواجها راسل وزير الملك الاخر واغراه ليفسد تلك الزيجة ووافق الوزير الذي اصطحب ابن الملك في رحلته الى مملكة والد الفتاة وبينما هم في الطريق اقترح الوزير على ابن الملك أن يستريحا قليلا بجوار أحد عيون الماء وطلب من ابن الملك أن يشرب منها فلما شرب تحول إلى إمرأة وجلس يندب ويولول وامر وزيره أن يعود ليطمئن أباه انه بخير وأنه عند أهل زوجته حتى يقضي الله أمرا.. وبينما هو يرثى حاله أتاه فارس وسأله عن مكوثه في هذا المكان فحكى له ما كان فقال له الفارس أن الوزير هو السبب فيما جرى حيث لا يعلم بهذه العين أحد .. وطلب منه الفارس أن يأتي معه فرفض حتى يعلم بأمره فأخبره أنه ابن ملك الجان وطمأنه فركب معه وسارا مسافة طويلة جدا حتى وصلا لقصر ملك الجان وباتا ليلتهما في أكل وشرب ثم استئنفا رحلتهما حتى وصلا لأرض دهماء لملك من ملوك الجن اسمه ذو الجناحين استئذنا في الدخول ووصلا إلى عين تنبع من جبال سود فطلب منه أن ينزل ويشرب منها ففعل فعاد رجلا كما كان .. وأوصله ابن ملك الجان إلى مملكة زوجته وأقام شهرين هناك ثم عاد بها إلى أبيه..
هذه باختصار الحكاية الأصلية بتصرف
فماذ فعلن
المعالجة الأولى لسحر الموجي وداليا بسيوني
تمت إعادة الصياغة فتم إعطاء الشخصيات أسماء تميزها واستخدمت لغة مقاربة للغة الأصلية لكن مختلفة وسارت الأحداث كما هي حتى ظهر ابن ملك الجان – دخان – الذي طمع في تلك الفتاة الحسناء – ابن الملك بعد تحوله – واخذها إلى قصره وضمها للحريم وقامت الجواري – زميلاتها – بتنظيفها وتسريحها وتزيينها – تم وصف هذه المشاهد بسخرية مثل " وضغطن على صدره بحزام فكاد يغشى عليه من قلة الهواء " و " وجعلن في إلباسه قلائد كبيرة من الياقوت والمرجان مما أثقل على رقبة الأمير الغلبان" حتى صرخ: كفاكم ما احدثتموه في من قهر وعذاب وأوجاع " – وطلبها – طلبه – الأمير دخان ليجلسا في جلسة من الأنس والخمر والصحاب .. وجرجر الأمير جاريته متباهيا بها أمام أقرانه .. وحاول ملامسته فحكى له حكايته وما جرى فقال له دخان لك ما تريدين بعد أن نقضي سويا ليلة ليلاء.. وعندما تسللت يده لتعبث بنهديه دون انتظار موافقة منه . تذكر لحظتها ما كان يأتي به مع جواريه في قصر أبيه وشعر بالخزي من نفسه ومن سابق أفعاله . استأذن الأمير ليستعد ودخل إلى بهو الحريم واستنجد بهن فدخلن على الأمير بالخمر والمداعبات والحكايات حتى نام.. امتن لهن كثيرا وقضى ليلته معهن في ضحك وغناء ولمس في حياة النساء الحب والرأفة والحنان رغم ما فيها من آلام.. واحاطته كبيرة الجواري بحنانها لما عرفت قصته, ولأول مرة يرى الجمال في الكون من طيور وزهور وطبيعة غناء لكنه أحس وسط سروره بدماء تسيل من بين فخذيه فطمانته كبيرة الجواري وحممته في النهر وطمأنته بقولها مثلما يسقط ماء المطر على الأرض فيخضر النبات يسقط هذا الدم لتخضر الأرض أولادا وبناتا. استراح لهذا وجرى مع تيار الماء واحس تغيرا بجسده وعاد رجلا فاخبرته أن هذه كانت عين الرجال لم نكن لنعيدك قبل أن تدرك فتمنح مفتاح الحياة.. شعر ببعض الارتباك فقد أحس انه رجل يحتضن بين جنبيه إمرأة لكنه هدأ وشد الرحال لزوجته التي تمنى أن تقبله زوجا حنونا عطوفا..
أما رؤية منى ابراهيم لنفس الحكاية فقد كانت:
أحس ابن الملك بسعادة عندما عاد إمراة فقد شعر بقلبه يرق ويمتلئ بحب الحياة وتغيرت نظرته للأشياء فالرمال ذهب و الماء سلاسل فضة وأعجبه نعومة ملمس جسده ورقته وهو ما كان يحسد النساء عليه لقد اكتشف كنزا كان يبحث عنه. لكنها تذكرت والدها الشرقي وفخره بولده الذكر وخشيت عليه من الصدمة وبينما هي في صراع بين مشاعر السعادة والتعاسة اتاها فارس وسارت معه حتى وصلا عين الحياة واخبرها أنها اذا شربت منها عادت رجلا وهنا فكرت في أبيها وقررت ان تضحي بسعادتها من اجله فشربت وعادت ذكرا وهنا خلع الفارس تاجه وظهرت فتاة بكامل هيئتها وكانت ابنة الملك الذي ذهب لخطبتها أرادت ان تتعرف عليه قبل وصوله حتى لا تتعرض لضغط أبويها اذا رفضته فعرض عليها الزواج فقبلت واخبرته أنها كانت تخشى من أن تتزوج من رجل غليظ بليد الاحساس أما هو فقد مر بتجربة أضافت إليه ما كانت تتمناه في كل رجل!
وبعد
التجربة أراها جيدة وتستحق التأمل
خاصة انها من الممكن أن تنتج نصوصا مدهشة مختلفة عن الأصل رغم اعتمادها عليه ، وكذلك هي تجربة مفيدة للمتوقفين عن الكتابة .. وهي تجربة يتوفر فيها عنصر المنافسة والمقارنة بين النصوص المختلفة إذا تم عمل ورشة أو شيء من هذا القبيل بين مجموعة من الكتاب أو المهتمين بالكتابة في جماعة أو منتدى ما..
ط