السبت، ٢٩ مارس ٢٠٠٨

قصـــــة قصـــــــــــة

قصـــــة قصـــــــــــة

بداية:
كان معي في مدرسة الأورمان الثانوية: رغم ضخامة بنيته وسماره الصريح كانت مشيته بناتي إلى حد مستفز وكذلك طريقة كلامه .. وهو ما كان يستثيرني..وكانت تنتابني رغبة قوية جدا في ضربه عليه..في طابور الصباح – المقدس – كان الناظر- الذي كان يشبه في هيبته ومشاعر البغض التي نحملها له رجال أمن الدولة حاليا - يلف بخرزانته الأطول منه في أرض الطابور مفاجئا من يلتفت أو يتكلم بلسعة لا يعرف مصدرها.. وكان اخونا هذا يفاجئني بوقوفه امامي وأظل معذبا طوال الطابور بين مقاومة رغبتي المحمومة ومحاولة الهروب للخلف دون أن يراني أحد.. في الفصل أيضا لم يرحمني واكتشفت أنه حجز الدكة التي أمامي وعلى الفور لميت هدومي وطفشت إلى دكة اخرى ولم ألتفت إلى زعل زميلي في الدكة القديمة..انتهت سنة أولى والحمد لله دخلت فصل مختلف في سنة تانية ، لكن كلما رأيته في الفسحة أو المرواح كانت رغبتي تعود..خلصت ثانوي وحمدت ربنا لكن القدر أدخله معي هندسة القاهرة وكان معايا في اعدادي في نفس السكشن!!فوجئ بي بعد انتهاء السنة الإعدادية أتقدم إليه وأسأله – فلم نكن أصحاب يوما – انت ناوي تدخل قسم ايه؟أجابني وسط ذهوله : عمارة ليه ؟رديت : خلاص أنا هدخل كيميا في المبنى البعيد ده الناحية التانية من الكلية ماشي؟!
...
وسط:
لم أكن محظوظا ودخلت مع 2 أصدقائي جدا الجيش كضباط احتياط من ضمن الدفعة كلها ولكنني كنت محظوظا حيث كانت خدمتي - بعد كلية ضباط احتياط ومعهد المهندسين - في أحد المصانع:كنت أتابع بتأمل وعمق عملية تفريغ أحد الأحماض من خزان محمل على شاسيه عربة نقل إلى أحد تنكات التخزين فقد كانت هذه العملية تتم باستخدام ضغط الهواء اعتمادا على قاعدة أن أي نقطيتين في مستوى أفقي واحد لهما نفس الضغط.. أثارتني حالة امتلاء الخزان بالهواء – في النهاية – وفراغه من الحامض.. وكأن الهواء طرد الحامض .. وفكرت اذ اعتبرنا اللاوعي أو الوجدان الانساني ملئ بالرغبات المجنونة والمحرمة التي نتجنبها ونتناساها بسرعة اذا ما انتابتنا .. وأنه لظروف ما لم نستطع تحقيق رغباتنا العادية جدا والمشروعة وحاولنا تخزينها في وجداننا الملئ أصلا .. بالتالي من الممكن أن تخرج لا اراديا الرغبات المجنونة المكبوتة .. خزنت هذا في وجداني على أمل التعبير عنه قصصيا يوما..
...
نهاية:
وبعد سنين أردت التعبير عن هذه الحالة قصصيا ولم أجد سوى هذا العنوان التقليدي ليعبر عن الحالة ..خططت القصة في صورة 3 مقاطع – مشاهد – مسلسلة أولهم تتحق فيه الرغبة التي لم أحققها مع ذلك الزميل القديم والمشهد الثاني لفكرة تطرأ على ذهني أحيانا عندما أسير مع أخ أو صديق على جانب أحد الطرق وأفكر انه اذا دفعت من معي دفعة واحدة فسوف تدهسه سيارة و ويموت أي أنه بحركة واحدة يمكنك أن ترتكب جريمة او تعمل عملا عظيما / فظيعا .. المشهد الثالث هي تلك الحالة التي تشبه الفوبيا من الأدوار العالية فعندما أنظر من عل تنتابني رغبة مجهولة لرمي نفسي سواء كنت أعلى بناية سكنية أو على كوبري على النيل.. فكانت المشاهد تحقيق الرغبة الأولى ثم يدفع البطل صديقه تحت عجلات سيارة ثم في النهاية ينتحر بالسقوط من عل... ما حدث أنه بعد كتابة المشهد الأول انتابتني رغبة أن أنهي القصة هنا .. وقد استسلمت لتلك الرغبة !
...
رغــبة
الرغبة محمومة وطاغية. يحاول التشاغل عنها بالنظر إلى الشارع من النافذة. يرى مخبزًا. بتلقائية يفكر في النـزول وأخذ مكانه في الطابور السرمديِّ! لكنه يتذكر فشله في الأيام السابقة في الوصول! تعاوده الرغبة أكثر إلحاحًا فيعاود الهرب. يدير بصره إلى الجهة الأخرى فيجد على الكرسي المقابل فتاة عارية الذراعين. يتمنى لو.. عيب، ممنوع! لا مفر من الاستسلام لماكينة الكلام من خلفه. يضحي بأذنيه ويلقي بهما لتنقذاه من رغبته الطارئة! رغمًا عنه وجد عينيه تعودان. تسيطر عليه الرغبة المجنونة.- لماذا لا ينـزل هذا اللعين ويريحني؟! يفكر في النـزول.. الرغبة تقيده! يستسلم. يتأمل القفا العريض للراكب أمامه الذي يغريه كأنه يناديه: - من فضلك، اضربني! قفا عريض.. أسمر كجلد الفيل. يحاول إمساك يده المتحمسة والمتعطشة.. الرغبة تزداد.. يقاوم.. تضطرب مشاعره. لا لا.. لا أستطيع المقاومة أكثر من ذلك!- آآآي. يجري وسط ضحكات الركاب الذين انتبهوا على صوت الصفعة والصرخة! يقفز من الأتوبيس المسرع، وقد أحس ببعض الارتياح!!!
طارق رمضان
مايو 2004

هناك تعليق واحد:

بحلم يقول...

ياه
دة انت قلبك اسود قوي
غريبة حكاية الرصد الدقيق لمثيرات القصة دي
انت علطول كدة!
يا بختك يا أخي
عموما القصة دي انا بحبها وبتضحكني ولم أعتبرها نكتة أبدا