الثلاثاء، ١٤ أكتوبر ٢٠٠٨

امبارح كان عمري تلاتين



عندما يقترب يوم مولدك يتسلل اليك السؤال التقليدي الممل : هل عمرك زاد سنة ولا تقص سنة ؟



ولأنني من الألترا متفائلين الذين ينظرون الى نصف الكوب الفارغ لأنهم – ببساطة - كانوا يتمنون ان يكون مملوءا ! وكذلك أتذكر كامل الشناوي وقصيدته الغم : جئت يا يوم مولدي .. جدت يا أيها الشقي " !



لا اعرف لماذا أتذكر الموت ..


اسمعكم تقولون ايه الراجل الكئيب ده ؟ موت ايه في يوم زي ده ؟ -



الموت الذي كنت اعتبره وانا صغير هي تلك الحالة التي تصيب الاخرين !



وكنت اتعجب من مبالغة الناس في الحزن عند وفاة قريب لهم .


لم اكن أشعر بتلك اللوعة التي تصاحب اهل المتوفي من انهم لن يروه ثانية وان عليهم التكيف مع الحياة بدونه ..



وكنت قد أعددت خطة للهرب من ملك الموت اذا جاء حيث سأختبئ تحت السرير لاتتعجبوا فلم يكن سريرا عاديا كان سريرا بعمدان – بعضكم لم ير هذا النوع من الأسرة –


وكانت أرجله المعدنية طويلة جدا – بالنسبة لطفل – حيث هناك براح ومخبأ آمن تحت السرير.


وكنت اذا فعلت شيئا وأردت الاختباء او عند لعب المساكة – فاكرين اللعبة دي ؟ -


كنت أختار ملاذي الامن تحت السرير ..


ووصل الأمر الى أنني فكرت أنه حتى لو قامت القيامة – وانا موجود – فلا مشكلة حيث ملاذي الامن في الخدمة دائما .. ومرت سنوات وكبرت حبة وتطورت احوال العائلة التي اكتشفت ان موضة السرير ابو عمدان بطلت فباعوه بثمن بخس للراجل اللي كان بيلف في الشوارع " دواليب للبيع "




ومن يومها لم يعد للسرير " تحت " يحميني وضاع الأمان واختفى الكمان – على رأي أمل دنقل ..



كانت هذه فكرتي عن الموت حتى قرات " السقا مات " احدى روايات السباعي القليلة الجيدة وتأثرت بها جداا .



وادركت معنى كلمة موت حقيقة عند وفاة أخي الشاب بعد صراع مع المرض قبل امتحان الثانوية العامة بأربعين يوما أتذكر الموعد جيدا حيث أن التجمع يوم الأربعين – تلك العادة الفرعونية البغيضة – كان ليلة امتحان العربي !




عرفت ساعتها معنى الموت لأول مرة حتى انه عند وفاة والدي – العجوز – بعدها بسنوات قليلة لم أتأثر كثيرا !




لكن عندما توفيت امي – فجاة – وهي تجلس بجواري كانت صدمة ..


لم اكن استطيع تحمل تلك الصدمة لولا ما حدث فقد شعرت – في الحقيقة لم أشعر !


– بأن مشاعري كلها قد تجمدت لا فرح لا حزن لا تأثر بأي شيئ واستمر ذلك لفترة


– ..–


لن اتحدث عن امي فالكلام سيكون مكررا فكل منا يعتقد ان امه – فقط – هي أطيب وأنقى امراة في الكون ... ايييه



المهم أنه احيانا يأتيني شعور – قبل النوم خصوصا –


بانني ساموت وأشعر بانقباض غريب واشعر بالرعب عندما أسال نفسي هل انا مستعد ؟


حتى انني في مواقف الطاعات – الصلاة مثلا – أتساءل لماذا لا يكون الان ؟ ليتها تكون الان ..



لكن بعدها تأخذك الحياة بتفاصيلها حتى يحدث موقف ما يجعلك تعود للتفكير في ثنائية الموت والحياة المؤرقة ..




والان وبعد احداث كثيرة ساعدتني هذه المواقف ان أرى الدنيا من عل ففي الأزمات عندما تنظر هذه النظرة ترى الأزمة في حجمها الحقيقي التافه فكلها أمور دنيوية والدنيا كلها لجنة امتحان تمر بها ..




وتتذكر " ولقد خلقنا الانسان في كبد " وان " الدنيا سجن المؤمن " وكذلك " القابض على دينه " مما يرسخ فكرة ان الدنيا ليست دار اقامة وسعادة لكن الرضا بالقضاء والصبر وتسليم الامور لله يمنحك شعورا بالطمأنينة والراحة لا تكون لأحد الا للمؤمن ..



الشيخ محمد الغزالي أتذكر له قول جميل : اللهم امنحني القدرة على الصبر على البلاء .. وامنحني القدرة على تغيير المنكر .. وامنحني العقل الراجح الذي يفرق بينهما .



طولت في موضوع غم لكن الرسول علية السلام قال " اكثروا من ذكر هادم اللذات "
صدق الرسول الكريم



ط

هناك ٦ تعليقات:

بحلم يقول...

لحد اربع سنين فاتت..كان الموت خاتمة سعيدة بتمناها..دلوقتي بجد بخاف منه..
سمعت كلامك قبل كدة..بس قريته كله تاني
كل سنة وانت طيب يا راجل يا تشاؤمي يا محترم

ط يقول...

وانتي طيبة
أنا تشاؤمي؟؟؟
وكمان محترم
الله يسامحك
ط

سقراط يقول...

السلام عليكم ورحمة الله
اولا كل سنة وانت طيب
وعقبال تلاتين مليون سنة كمان
يلا .. انشالله ماحد حوش
واسمحي اقولك انا مش شايف اى كآبة
الموضوع زى الفل لا غبار عليه
انا حسيت بالكلام اللى انت قلته
وخصوصا فكرة الاستغراب من سلوك الناس اللى عندهم فقيد
يمكن الفرق الوحيد انى لسه ما فارقتش حد من اللى بحبهم
عشان كده خايف قوي
والخوف بقي لا انا اللى اروح فيها قبل ما اعرف الشعور ده
ربنا يبارك فى عمرك
وكل سنة وانت طيب

ط يقول...

سقراط
وانت طيب يا صديقي
انت شايفه شعور حلو كده عشان كده خايف تموت قبل ما تجربه - وش بيضحك -
ط

فريدة... يقول...

كل سنة وانت بكل خييييييير

بعيد عن كل شر

ط يقول...

واني طيبة
يا أطيب فنانة
في الدنيا
ط