الثلاثاء، ٢٩ يناير ٢٠٠٨

الجزيرة .. وهل غادر السينمائيون من متردم؟!

الجزيرة .. وهل غادر السينمائيون من متردم؟!

ما أحلى الرجوع إليه .. بصفتي سينمائي قديم ومدين للسينما انها هي اللي جرجرتني لسكة الأدب الممتعة. وحيث كانت اخر مرة دخلت فيها سينما منذ عامين تقريبا ولم تكن ذكرى طيبة وصدت نفسي عن السينما – يعقوبيان ! – لذا هذه المرة لها مذاق خاص.
كنت اتمنى ان تكون العودة قوية ومضمونة حتى أنني قاومت إغراء " كده رضا " الصيف الماضي رغم رأي الثقات من أصدقائي فيه وكذا رأي النقاد والايرادات!
لكني لم أستطع المقاومة هذه المرة
ليس فقط لثقتي واعجابي بشريف عرفة الذي تابعته من ثاني افلامه الدرجة الثالثة فقط فاتني فيلمه الاول الاقزام قادمون ثم انبهاري بالرائع " سمع هس " هذا الفيلم المظلوم وكذا جنونته الاخرى مع ماهر عواد " يا مهلبية " ثم مجموعته الرائعة مع وحيد حامد من "اللعب مع الكبار" والرائع "الارهاب والكباب" ثم" المنسي" و"طيور الظلام" و"النوم في العسل" ثم" اضحك الصورة تطلع حلوة "مع احمد زكي
ومع تصاعد موجة السينما الشبابية راهن شريف على الراحل علاء ولي الدين وربح الرهان في عبود والناظر وفشل في ابن عز ثم مع السقا انجز مافيا ذلك الفيلم الامريكاني الصنعة – لم يعجبني – واخيرا مع هنيدي وفول الصين !
مخرج غريب لكنه متميز
وهنا
عودة مع السقا ومع فيلم اخر شارك في كتابة السيناريو فيه كما فعلها في بعض افلامه
وليس أيضا لاعجابي بجرأة السقا على دخول مناطق جديدة واصراره على التنوع وعدم حبس نفسه في قالب ما كما يريد المنتجون
فقد تابعته من أول بطولة – شورت وفانلة..- وبعد نجاحه المدوي في " مافيا " قدم أجمل أفلامه " تيتو " وفيه وازن بين الاكشن والدراما
في سيناريو متماسك لمحمد حفظي وكان بداية تألق ولمعان خالد صالح، بعدها حاول التغيير في فيلم بوليسي سخيف – حرب اطاليا – وتمرد كلية على الاكشن في فيلمه الرومانسي - الذي لم يعجبني -" عن العشق والهوى" في سيناريو خالد حبيب كاتب " سهر الليالي " أجمل أفلامه التي كتبها حتى الان ! ثم استمر مع صديقه خالد حبيب ومنى زكي ايضا في الخلطة الكوميدية الأكشن الحمضانة " تيمور وشفيقة " أراه فيلما سخيفا اخر!

لكن ما شجعني على رؤية الفيلم سماعي انه فيه فكر وهو ما غاب عن السينما الشبابية عموما منذ مفاجأة اسماعيلية رايح جاي
وقد افتقدت ذلك كثيرا فمنذ " أرض الخوف " و بحب السيما " لم أشاهد فيلما ثقيلا يثير عقلك وخيالك..
فماذا عن الجزيرة؟
لمن لم يشاهد الفيلم: الفيلم قوي وممتع ويستحق المشاهدة.
لمن شاهد الفيلم أو لا ينوي رؤيته:
نبدأ بعناصر الفيلم المتميزة جداا
الإخراج والتصوير والتمثيل والموسيقى التصويرية
تكاتفت هذه العوامل لخروج هذه الصورة المبهرة على مستوى الرؤية فقد تم اختيار أماكن التصوير بعناية وهي أماكن ربما جديدة على عين مشاهدي الشاشة الفضية .. مياه وخضرة وجبال في تكوينات جمالية ممتعة وقد ساهمت حركة الكاميرا وزوايا التصوير في وصول احساس المشهد للمشاهد..
فحركة الكاميرا في مشاهده مع أبيه ومشاهده مع حبيبته في البداية مختلفة عن مشاهد الحركة كمشهد انقضاض " منصور " (السقا ) ورجاله على جماعة الارهابيين وسط القصب..
ليس غير " عمر خيرت " يمكنه التعبير بسلاسة عن المشاعر الإنسانية المتناقضة في جملة لحنية واحدة فالصعيد بما يشتهر به من تطرف في الأفكار والمشاعر وذلك التقلب السريع المفاجئ في المشاعر من منتهى القسوة إلى منتهى الرقة يحتاج موسيقي موهوب ومحترف مثل عمر خيرت.
المشكلة الوحيدة في العناصر السابقة هي انني في أحيان كثيرة شعرت بها أي انني في مشهد صرخت الله التصوير هنا رائع وحركة الكاميرا كيت وفي اخر صحت مش ممكن الموسيقى دي وهكذا .. في عالم الكرة يقولون أن الحكم الجيد هو الذي لا يشعرك بوجوده ، وفي عالم السينما ربما المخرج الجيد هو .... أيضا!
وكذلك ورغم أن أجواء الفيلم صعيدية يعني مصرية قح لكن في بعض المشاهد – القليلة - أحسست انني أشاهد فيلما أمريكيا .
التمثيل
بعد متابعتي للفيلم زاد يقيني أن " خالد الصاوي " غول تمثيل بلا شك
و " ياسم السمرة " ممثل من طراز خاص .. ممثل حقيقي قوي .. ملامحه واداؤه البسيط وتقمصه للشخصيات كل هذا يشعرك أنه هو الشخصية
منذ أن شاهدته في " المدينة " ليسري نصرالله وفيلم روائي قصير كان يريد فيه الانتحار ويفشل وهذا رأيي
وتميزت الموهوبة هند صبري وان شاب رسم شخصيتها بعض الاضطراب
وكان الكبيران محمود يس وعبد الرحمن ابو زهرة اضافة حقيقية للفيلم
لن اتحدث عن محمود عبد المعني – وهو ممثل جيد جدا ولمع في دم الغزال- لتعاطفي مع شخصيته حيث انه الوحيد مع كريمة (هند) الذي يمكن التعاطف معه بضمير مرتاح في الفيلم!
السقا
السقا ممثل مجتهد جدا ونجم محبوب لكنه يحتاد لتطوير أدواته كممثل
هو مقنع جدا في مشاهد الحركة لكن في المشاهد الدرامية المعقدة يبدو أضعف وخاصة عندما يجتمع مع ممثل أكثر موهبة يبدو الفارق واضحا
ففي مافيا تحدث الناس عن أداء مصطفى شعبان رغم انه لم يكن الآفضل له وفي تيتو بزغ خالد صالح وهنا أرى ان خالد الصاوي وهند صبري وطبعا محمود يس كانوا في مستوى مختلف من الأداء حتى انه لم يقنعني في بعض المشاهد التي جمعته مع باسم السمرة وهو المفترض الكبير وباسم (عمه) المساعد التابع . لكن هذا لا يعني ضعفه كممثل لكن يفترض اهتمامه بادواته مثلما يهتم بلياقته خاصة أنه يختار أدوار مختلفة ويدخل نفسه في اختبارات صعبة وأعتقد أنه قادر على ذلك .
الفكر
القوة تحتكر الحق
والقوي يفرض مبادئه، ويبرر لنفسه دائما، فالغاية تبرر الوسيلة.
ربما هذه هي الأفكار التي يطرحها الفيلم من خلال اسقاط سياسي
والفيلم هنا يعرض لبعض ممارسات جهاز الشرطة ليس من قبيل دغدغة مشاعر المشاهد المستفز من ممارسات هذا الجهاز مثلما تفعل أفلام اخرى تقوم على هذه المزايدات لكنه يعرض ذلك كجزء من الفكرة الأساسية . فرجل الشرطة في الفيلم يفعل ما يعتقد أنه صواب عن اقتناع بمبدأ وطريقة عمل وليس انحرافا أو شذوذا نفسيا ناتجا عن تفكك أسري حيث تزوجت أمه باخر واتربى هو عند الجيران – وان كان ذلك موجود - !
فالفيلم أعجبني أنه لايتاجر بقضية وانما يناقش ويعالج فكرة ربما يقوم عليها عمل أجهزة المن عندنا وما أكثرها وربما هذا أخطر فمناقشة فساد رجال الشرطة مردود عليه ببساطة أن هذه حالات فردية وهو رد منطقي ولكن ان تعرض أن هذه الممارسات من صميم فكر الجهاز فاعتقد هذا تفكير أكثر عمقا واكثر جراة ..
والكثر إدهاشا هو تماس ذلك مع قضية التوريث التي تناولها الفيلم من طرف خفي في إسقاط جميل وواعي من خلال تمسك الأب بان يتولى ابنه زعامة الجزيرة وتواطؤ جهاز الأمن مع الأب ومع الوريث بعده لمساعدته اياهم في الامساك بالارهابيين – البعبع – ومع كشف الرموز يمكن تخيل جهاز الأمن بانه القوة العظمى المسيطرة والتي ستتدخل يوما عندما ينتهي دور مندوبها زعيم الجزيرة مما سيؤدي لخراب الجزيرة !!!!
أعجبني التناول من هذه الزاوية وأعجبني الفيلم الجريء
عنوان المقال
بيت عنترة الأشهر تذكرته مع رؤيتي لبعض التناص وبعض الشخصيات التي تشعر أنك شاهدتها بافلام سابقة
فدور السقا وعلاقته بأبيه وحبيبته تذكرنا بشيء من الخوف ( عتريس ) وهند كانت قريبة من فؤادة لكن هنا هي كانت تريد زواجه وهو تزوج أخرى بناء على رغبة أبيه وأعلن ذلك في أحد اجمل مشاهد الفيلم.
تفاصيل ألاعيب جهاز الشرطة ذكرتني بفيلم الهروب رائعة عاطف الطيب ومصطفى محرم وأحمد زكي حتى دور الظابط طارق (محمود عبد المغني ) ذكري بدور عبد العزيز مخيون في الهروب ودور خالد الصاوي يقابل محمد وفيق هناك
الحوار الجميل في الفيلم للمبشر محمد دياب ذكرني في بعض مواضعه الفلسفية بحوار المبدع داود عبد السيد في تحفته " أرض الخوف"
يبقى ان أشير الى ان بعض مشاهد المواجهة بين أهل الجزيرة والشرطة احالتني الى فيلم القلب الشجاع لميل جيبسون
حتى أن شخصية عبد الرحمن ابو زهرة تشبه الى حد كبير شخصية الرجل المجزوم الذي كان يوجه القائد الذي تحالف وخان وليام والاس هناك .
فقط
يبقى انني استمتعت بهذا الفيلم القوي والممتع
وهذا يكفي

ط







هناك ٧ تعليقات:

حسام يقول...

ألف مبروك على المدونة يا أعز الأصدقاء
إقفل عليك الحلم وإفتح كل أبواب ونوافذ الضوء الخارج من روحك المبدعة
تقبل تحياتي
حسام

غير معرف يقول...

ألف مبروك المدونة يا طارق
انت كنت حالف ما تعملها غير مع المجموعة والا اييييه
بصراحة انتظرت مدونتك طويلا انت الساخر العظيم، وقلت حتبقي اضافة
أما الآن فأنتظر ان تغلقها، أنت الملول العظيم، لأني جربت
عموما مازال هذا طريقا يمكننا ارتياده كلما ضاقت الطرق الأخري..عشان كدة-حد شاف تهنئة بالرخامة دي!!-فكر قبل ما تغلقها
------------
بالنسبة للتدوينة مازال أحمد السقا لا يجذبني، ومازال شريف عرفة يحيرني، حاسة انه مخرج عنده كتير قوي بس مش عارف/قادر/وقته انه يخرجه، بس بيبان ف ارهاصات معينة
ومازال محمود يس يغريني
نفسي ادخل الفيلم واللي يحصل يحصل، شان كدة مش حكمل تدوينتك غير بعد ما ادخله ان شاء الله.

فريدة... يقول...

مدونة صاخبة لكاتب ساخر المح فيها اعراضه عن صمتنا بمشاغباته ووجهه الذى اتخذ من هناك وجهة وهدف له فاعطى ظهره لصمتنا علنا نحاول ان... نكون حقا

حسن أمين يقول...

بل أنا الذي استمتعت بمقالك التدويني جدا .. وانبسطت انبساطا منتشيا بهذه المدونة التي لم أعرف أبدا السبب وراء تأخرها .
لا تحرمنا منك بوباء الكسل .
بالتوفيق دائما .

محمد عادل يقول...

أولا ألف مبروك المدونة والكتاب

ثانيا والله أنا لسه داخل هنا دلوقت ، وعنوان التدوينة الأولانية عندي متشابه مع التدوينة بتاعتك بس والله العنوان ده كاتبه من زمان ، والمسودة بتاعته عندي من شهر نوفمبر ، وأسأل حسن أمين كمان
مش عارف ليه حاسس إني بدافع عن قضية خسرانة ، بس والله أنا لوكنت جيت هنا كنت غيرت العنوان

لعنة الله على توارد الخواطر

حسن أمين يقول...

وأنا شاهد على انه توارد خواطر
وفرحان بيكوا جدا
يللا بقى ورونا الهمة

ط يقول...

بعد السلام عليكم
شكرا لكم جميعا يا مغامير
اتمنى أن أضيف شيئا لعالم التدوين
بالنسبة لتوقع هناء
شكرا على البداية المشرقة دي والأيام بيننا . ربما
ط