الأحد، ٢١ ديسمبر ٢٠٠٨

آثار جانبية


1- الآثار الجانبية لهامش الحرية

- هاتيجي المظاهرة الجاية؟
- لا يا عم انت عاوز يحصلي زي اللي حصل لطه الشاذلي.. ثم انت مابتقراش جرايد؟

توقع بعض المتفائلين مع اعطاء الدولة لبعض الحرية للمعارضين للتعبير أن يزداد وعي الناس ويخرجوا للمطالبة بحقوقهم، ومع تكرار حالات الاعتصام والمظاهرات من قبل بعض فئات المجتمع انتعش خيالهم وأيقنوا أن الثورة الشعبية قادمة لا محالة خاصة مع تزايد الحالة الاقتصادية سوء وصعوبة الحصول على رغيف العيش – الحقيقة مش المجاز – لكن هذا لم يحدث.
فبعد مرور ما يزيد على 3 سنوات من اتساع هامش الحرية الضيق لم يحدث تحرك شعبي حقيقي رغم ان كل الظروف تهيئ لهذا..
ربما حدث العكس وازداد الناس جبنا جعلهم يتقبلون ما هو أسوأ دون اعتراض حقيقي
وإذا حاولنا تفسير ذلك الوضع المحير بعيدا عن الحلول الجاهزة والتي تسم بعض الشعوب بقابليتها للقهر ومنها شعبنا الحبيب بالطبع ..
فلنا أن نسأل هذا السؤال: هل بدأ جهاز الشرطة في استعمال البطش منذ بدأت وسائل الاعلام في نشر فضائحه؟

وهل بدأ فساد الحكومة منذ نشر ذلك في الجرائد؟
بالطبع لا فتاريخ الفساد والقهر قديم وكان يتم اخراس كل الأصوات التي تلمح إليه

– تذكر وقف اصدار جريدة الشعب – رغم أن حال البلد كان أفضل ومع سوء الحال اراد النظام أن يهب الشعب بعض وسائل التنفيس مع بعض وسائل الضغط الأمريكية

– التي يتم معالجتها بالمزيد من التنازلات – فكان السماح لوسائل الاعلام بالمزيد من النقد وهي عندما سمحت بهذا كانت تعرف جيدا أن هذا لن يؤثر في المواطن العادي ولن يدفعه إلى الثورة بل على العكس سيفرغ شحنة الغضب التي بداخله بقراءة جريدة سبايسي أو مشاهدة برنامج ساخن ..

ثم وهذا ما أود ايضاحه مع نشر حوادث القمع التي يقوم بها جهاز الشرطة تترسخ في ذهن المواطن أن ما كان يتهامس به في جلساته

- من نفخ ونفي وضرب واغتصاب للمعارضين – وهو في قرارة نفسه يستبعد أن يكون هذا حقيقيا ويفضل احتمال أن تكون مبالغات ومخاوف ناجمة عن عصور سابقة ..
كل هذا يتحول إلى واقع وإلى حوادث بالصوت والصورة
وتصل إليه الرسالة التي أصبحت مباشرة : إذا خرجت عن النص فسينالك مثل هؤلاء..
فيزداد انكماشا ورعبا وتقبلا لأية ضغوط جديدة ..
لماذا سمحت الجكومة بفيلم مثل يعقوبيان إذا لم يكن بصورة ما يخدم أهدافها؟
فكيف ستقبل أن تشارك في تظاهرة دون ان تقفز إلى مخيلتك صورة طه الشاذلي وتحتل ذهنك الحوادث التس تسرد مصر أمثاله على صفحات الجرائد ..

أتراك ستتحرك بعد ذلك؟
وهكذا تستفيد الحكومة من هامش الحرية
مثال اخر عندما سمح النظام بتداول الحديث عن التوريث ربما يجهل البعض أن هذا يكرس لمبدأ التوريث حتى لو كانت كل الكتابات ضد التوريث ..

فهذه الفكرة عندما كانت سرية كانت مستبعدة إلى حد كبير لدى المواطن لكن عندما يكثر الححديث عنها يقل بالتدريج رفض المتلقي لها فمن الرفض التام إلى الامتعاض إلى ..

مع الاعتياد إلى التعايش مع الفكرة وربما تقبل مناقشتها في البداية – بطرح البدائل –

ثم تقبلها في النهاية ..

حتى إذا حدث ذلك كان لدى المواطن القابلية لتقبلها .. وهذه هي الخدعة الكبرى..

....


2 - الآثار الجانبية للكتابات التدوينية


- ها مافيش قصة جديدة؟
- لا بس شوية تدوينات.

بالتأكيد صادفت مثل هذا الحوار إذا كنت كاتبا
ويمثل هذا مشكلة بالنسبة للذين يجدون اتزانهم النفسي بالكتابة الابداعية
المدونات تلك النوافذ الجديدة للتعبير بكل ما فيها من إغراء ناتج عن رد الفعل السريع للمتلقي نحو ما تكتب وكذا مساحة الحرية التي تتسع أمامك وأنت تدون كل هذا يجعلك ككاتب تغوص أكثر في رمال التدوين المتحركة
للدرجة التي تجعلها بديلا عن كتاباتك الابداعية الأصلية وهذا خطر
خطر التدوين على الكاتب أنه يجعله يفرغ محتوى أفكاره في ذلك الوعاء السهل الجاهز دائما لتلقي أي شكل للتعبير حتى لو فضفضة أو هلوسة.. تلك الأفكار التي كنت – ككاتب – تخزنها حتى الاختمار لتتشكل وتأخذ هيئة القصة – أو قصيدة اذا كنت شاعرا – ربما هو نوع من الاستسهال أو حاجة إلة التواصل مع الآخر بصورة أسرع.. ليست هذه دعوة لغلق المدونات بقدر ما هي دعوة لفرز الأفكار وغربلتها وادخار كل ما هو صالح ليكون عملا ابداعيا ولو بعد حين ولتنشر في مدونتك ما هو خلاف ذلك..
حبا في الابداع وهو الأبقى والأرقى وليس كرها في التدوين..


ط











هناك تعليقان (٢):

غير معرف يقول...

كلام جميل
كلام معقول مقدرش أقول حاجة عنه
طيب ممكن نسأل بقى يا ترى آخر أعمالك الإبداعية إيه؟
كويس انك واعى للمسألة
ويا ريت كل الأدباء ياخدوا بالهم
مش كل اللىى جوانا نطلعه بحجة ان نص العمى ولا العمى كله
واهو احسن من مفيش
المشكلة الحقيقية بقى فى المتوقفين كليا
يعني لا أدب ولا تدوين ولا حتى تعليق
يا ترى ايه اللي ممكن يوصل انسان للمرحلة دى؟
وازاي يخرج منها على خير؟
تحياتي ودعواتي بعودة المتوقفين ممن يستحقون
وتوقف المستمرين ممن لا يستحقون
حرام
كفاية

ط يقول...

استاذ عربي
بعد السلام عليكم
رأيي أن هناك بعض التوقف ايجابي وهو ما يكون بين المراحل الابداعية المختلفة يعني منتظر بعده تغيير ما ويكون توقف تأملي ومعه القراءة والاطلاع على تجارب مختلفة مستمرين.. اما التوقف التام- او الموت الزؤام - فده سلبي لان القلم بيصدي وبيبقى صعب العودة القوية.. وده ممكن يكون في المراحل الحياتية الانتقالية كأن تبدأ عمل جديد او خلافه وممكن يستمر فترة لكن بتحن وترجع للقراءة والكتابة ..
بالنسبة لي اخر عمل من شهور أنا مقل شوية لكن متواجد بشكل ما .. بقرأ وبحضر ندوات وده شايفه ايجابي لكن مشتاق برضه للكتابة طبعا..
معاك بشدة في موضوع الدعوة
يارب المستمرين ممن لا يستحقون يصوموا شوية
بجد الموضوع رطرط ةالحلو بيضيع وسط كم الغثاء المطروح
تحياتي
ودعواتي لك بالكتابة العاجلة
ط